وأقام الاسكندر في أرضه ، حتى بنى مدينة سماها برج الحجارة ، وجعل فيها من الفرس خمسة آلاف رجل رابطة رأس عليهم صاحبا له ، ويعرف بنوكليديس (١) ، وسار من الصين اخذا في جهة الشمال وصاحب الصين معه ، حتى انتهى الى أرض شول (٢) ففتحها وبنى بها مدينتين ، أحدهما شول والاخرى خمدان ، وأمر صاحب الصين أن يسكن خمدان بجنوده ، وأن يجعل من أصحابه رابطة بشول.
ثم سار متوجها الى ترك البرية حتى فتحهم ودوخهم ، وبلغه عن قوم لهم عدد جم من هؤلاء الاتراك ، ناحية المشرق من جهة الشمال ، انهم مفسدون في الارض فأستشار صاحب الصين فيهم فأخبره انه لا غنيمة عندهم ، غير المواشي والحديد ، وانه يحيط بهم من ناحية الشمال البحر الاخضر الذي لا مجاز فيه لاحد ، ومن ناحية المغرب والجنوب جبال في السماء لا ترام ولا لاحد عليها مسلك ، وانه لا منفذ لهؤلاء الاتراك الا من درب واحد ضيق كالشراك ، وانهم في زاوية من الارض لو سد عليهم هذا المنفذ بقوا فيها. كفى الناس شرهم وزال عن الارض فسادهم ، فعلم الاسكندر وجه الصواب فيما أشار به صاحب الصين ، فسد ذلك الوادي وهو السد الذي وصفه الله واقتص خبره في القرآن. ثم رجع ذو القرنين في أرض الترك أصحاب المدائن وأهل الاوثان حتى انتهى الى أرض السغد ، فبنى بها سمرقند والمدينة المعروفة بالدبوسية والاسكندرية القصوى. ثم صار الى أرض بخارا ، فبنى مدينة بخارا ، ثم سار الى أرض مرو فبنى بها مدينتها ، وبنى مدينتي هراة ، وزرنج ، وخرج على جرجان ، وأمر ببناء الري وأصفهان ، وهمذان ، حتى عاد الى أرض بابل فأقام بها سنتين.
__________________
(١) توليدلس.
(٢) في النسخ الثلاث : شوك.