فأما الاحكام الظلمية ، فمثل التقريب الذي هو كالشىء الثابت الواجب ، وذلك ان من ظلم من الرجال عندهم حتى يوخروا ، عطاؤه عن وقت استحقاقه ، فقد صار ما استحقه ناتيا (١) سبيله التوفير ، وكلما تقادم (٢) من زمان الفائت ، يوجب تقديم اطلاق ما أخر منه ، يؤكد عندهم بطوله ووجب سقوطه ، وسنذكر النظر في أمر الجيش ، وكيف ينبغي أن تدبر أمورهم ، وما في تأخر اعطياتهم عنهم ، من الضرر العائد على الملك ، في موضعه من المنزلة الثامنة ، المخصوصة بالسياسة إن شاء الله.
ومن أحكام كتاب الجيش الجارية ، على غير سبيل العدل ، انه لا يجوز عندهم ان يزاد واحد من الرجال ، أكثر من مبلغ رزقه ، [والذي يكون له في وقت زيادته ، حتى كأنه ممتنع أن يكون رزقه](٣) ، في غاية النقصان عن استحقاقه ، ويبلى بلاء حسنا ، فيرى الامام أن يضاعف رزقه ، اضعافا كثيرة ، فضلا عن مرة واحدة ، وهذا أيضا حكم فاسد على غير العدل ، فان نوظروا في ذلك ، لزمهم على المذهب فيمن لا رزق له الا يثبت اذ كان لا شىء هو ، أقل من لا شىء ومما يقارب الظلم ، وفيه استظهار على الرجال ، مما لا يزال كتاب الجيش ، يلزمونه ، بأن يكون ما يدفع الى الرجل من استحقاقه أياه ، في أيام شهر مثله يليه ، حتى يكون للرجل أبدا استحقاق شهر واقفا (٤). ومما يجري هذا المجرى أيضا ، قولهم فيمن نقل عن اسمه وثبته ، أن يكون الاستقبال به الشهر الذي فيه اعطاء نظرائه ، وهذا غير مضبوط ، لانه قد يجوز أن يصل الرجل ، الى الموضع الذي سبيله أن يقبض فيه رزقه ، بعد قبض نظرائه بيوم ، فيحتاج الى ان ينتظر حتى يقبضوا مرة اخرى ، ثم
__________________
(١) في الاصل : نايتا.
(٢) في ت : تقدم.
(٣) ليست في : ت.
(٤) الموقوف من الرزق يناظر عليه أو يستأمر السلطان حسبه.