سائر الصناعات سوى الحياكة ، وعلى هذا قدر القمح من الزيت ، ومن غيره من سائر المطلوبات (١) وقدر الزيت من غير القمح من جميع الصناعات فكان حفظ ذلك وتحصيله يصعب ويشق على من يبتنه وتفقده فضلا عن الامي والمرأة ، والصبي ، وجميع من يبتاع ويبيع حاجة من أصناف الناس كافة. فلما كان هذا على هذه الحال من المشقة لطف الناس بالتمييز الذي منحهم الله أياه ، الى طالبوا شيئا يجمع جميع الاشياء ويكون عند كل من يحتاج اليه من صناعة ، أو مهنة ، أو حبة ، أو ثمرة أو غير ذلك ، مما يدخل تحت الارادة ثمنا وقيمة ، واعتمدوا أن يكون هذا الشيء باقيا اذ كان هذا حكم ما يجعل ثمنا بجميع المطلوبات للحاجة ، الى حفظه وادخاره ، وكان ما يسرع اليه الفساد والغير مما لا يصلح ذلك فيه ، فكان ما جعلوه ثمنا لكل مراد الذهب لطول بقائه على الزمان واحدة ، ثم لا نطباعه على ما يطمح عليه وقبوله للعلامات التي تصونه والسمات التي تحفظه من الغش ثانية ، ثم كانت الفضة دون الذهب في النقاء ، فنزلوا لها مرتبة من القيمة حسب قدرها من بقاء الذهب ، وتطاول مدته ، ثم كان النحاس دون الفضة في البقاء ، فنزلوا له مرتبة في القيمة على حسب طبقته ، وكان أجود جميع المطلوبات في هذه الثلاثة الاصناف. أولى في التدبير من الامر الاول ، اذ كان يغرب وذاك لا يكاد يضبط ولا يتحصل ولهذه العلة ، احتيج الى اتخاذ العين ، والورق ، وما يجري مجراهما واستعمال ذلك فيما تقدم شرحنا له.
__________________
(١) في النسخ الثلاث : المطوبات.