أما جده ، فأن المعلومات التي بين أيدينا قليلة جدا لا تكفي لا عطاء صورة واضحة عن حياة هذا الرجل ، وكل الذي يعرفه المؤرخون عنه ما أورده الجاحظ عنه فقال : «وقال قدامة حكيم المشرق في وصف الذهن شعاع مركوم ، ونسيم معقود ، ونور بصاص ، وهو النار الخامدة ، والكبريت الاحمر» (١). وكذلك أورد الجاحظ نصا آخر في كتابه ، فخر السودان من مجموعة رسائله عند الحديث على قبة قصر غمدان ، قال : وفيها يقول قدامة حكيم المشرق وكان صاحب كيمياء :
فأوقد فيها ناره ولو أنها |
|
أقامت كعمر الدهر لم تتصرم |
لقد كانت حياة قدامة شديدة الخفاء لان المعلومات التي قدمها لنا المؤرخون شحيحة جدا وضئيلة لا تتناسب مع غزارة علمه وسعة مداركه فهي لا تكفي لتكوين صورة حقيقية ، واضحة كل الوضوح ، وغير كافية للكشف عن جميع الجوانب المضيئة لحياة هذا العالم الفذ.
وأقدم من نوه عن حياة قدامة من المؤرخين والمترجمين ابن النديم صاحب كتاب الفهرست ، ولكن هذا الشيء الذي ذكره ابن النديم كان ضئيلا جدا لا يكفي لان يكون الباحث عنه فكرة واضحة فقال : ـ
«هو قدامة بن جعفر بن قدامة ، وكان نصرانيا ، وأسلم على يد المكتفي بالله وكان قدامة أحد البلغاء الفصحاء ، والفلاسفة الفضلاء ممن يشار اليه في علم المنطق ، وكان أبوه جعفر ممن لا تفكر فيه ، ولا علم عنده» (٢).
وممن ذكره أيضا أبو الفرج بن الجوزي في كلمات قليلة جدا فقال عنه : ـ
__________________
(٤) الجاحظ : الحيوان ج ٥ ص ٩٥ ـ تحقيق عبد السلام هارون.
(٥) الفهرست : ١٨٨.