النص الأوّل : قوله سبحانه :
( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) ( الأحزاب ـ ٤٠ ).
توضيحه : تبنّى رسول الله زيداً قبل عصر الرسالة ، وكان العرب ينزّلون الادعياء منزلة الأبناء في أحكام الزواج والميراث ، فأراد الله سبحانه أن ينسخ تلك السنّة الجاهلية ، فأمر رسوله أن يتزوّج زينب زوجة زيد بعد مفارقته لها ، فلمّا تزوّجها رسول الله ، أوجد ذلك الزواج ضجة بين المنافقين والمتوغلين في النزعات الجاهلية ، والمنساقين وراءها ، فرد الله سبحانه مزاعمهم وطعنهم بقوله : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ) من الذين لم يلدهم ومنهم زيد ولكنّه ( رَسُولَ اللهِ ) وهو لا يترك ما أمره الله به ( وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) وآخرهم ختمت به النبوّة فلا نبي بعده ولا شريعة سوى شريعته ، فنبوّته أبدية وشريعته باقية إلى يوم الدين.
الخاتم ( سواء كان بفتح التاء كما عليه « عاصم » أم بكسرها ، كما عليه الباقون وعلى الفتح سواء أقلنا أنّه فعل كضارب بمعنى ختمهم ، أم اسم بمعنى آخرهم ، أو بمعنى ما يختم به أي المختوم به باب النبوّة ، كما يختم بالطابع ) لا يفهم منه في المقام إلاّ معنى واحد وهو أنّه قد ختم به باب النبوّة وأوصد بوجوده ودينه وكتابه باب الرسالة فلا نبي بعده أصلاً.
وقد أصفقت على هذا كتب اللغة والتفسير والتاريخ طيلة أربعة عشر قرناً ولم يختلف فيه اثنان ، ولم ينبس أحد ببنت شفة على خلافه ، فهذه معاجم اللغة وكتب التفسير المؤلفة في العهود الإسلامية السابقة ، بيد أساطين اللغة وفطاحلها وأئمّة التفسير وأبطاله ، ضع يدك على أي واحد منها ، تجدها متضافرة على ما قلناه وسوف ننقل بعض نصوصهم.