لفظ « خاتم النبيين » فعند ذاك يختم باب الرسالة الالهية أيضاً بلا ريب ، لأنّ الرسالة لا تهدف سوى تنفيذ ما يتحمله النبي من جانب الله عن طريق الوحي فإذا انقطع الوحي والاتصال بالمبدأ الاولى والاطلاع على ماعنده ، لا يبقى موضوع للرسالة أبداً ، فإذا كان محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتماً للنبيين أي مختوماً به الوحي والاتصال فهو خاتم الرسل والمرسلين طبعاً ، لأنّ رسالة الانسان من جانب الله سبحانه ، عبارة عن بيان أو تنفيذ ما أخذه عن طريق الوحي ، فلا تستقيم رسالة أي انسان من جانبه سبحانه إذا انقطع الوحي والاتصال به تعالى ولا يقدر أن يقول أي ابن اُنثى بالرسالة من ناحيته سبحانه إذا كانت النبوّة موصدة باعترافه.
هذا خلاصة ما قلناه هناك وسيوافيك تفصيله بدلائله وشواهده من الكتاب والسنّة وكلمات اعلام اللغة.
هلم معي نقرأ النصوص الباقية الدالة على كون نبيّنا خاتم الرسل ، وانّ رسالته خاتمة الرسالات حتى يتضح الحق بأجلى مظاهره ، فمن النصوص قوله سبحانه :
__________________
(١) الهدف الأسمى من الاستدلال بهذه الآية وما تليها ، هو نفي قسم خاص من أقسام النبوّة ، أي النبوّة التشريعية الناسخة ، فهذه الآية وأمثالها تكذّب كل من ادّعى لنفسه منصب النبوّة التشريعية ، وادّعى أنّه نبي كموسى وعيسى ومحمد ، وانّ له كتاباً وشريعة ناسخة لما قبلها من الكتب والشرائع ، إذ لا يعقل أن يكون لمجتمع واحد كتابان مختلفا الأهداف والأغراض ، أو نذيران متعددا الغايات.
فلا يصح أن يكون الفرقان والقرآن نذيراً لهم ، وفي الوقت نفسه يكون كتاب آخر ، يخالفه في المضمون نذيراً لهم أيضاً ، وقس على ذلك سائر ما يرد عليك من الآيات.
نعم هذه الآية ونظائرها لا تفي بنفي النبوّة التبليغية المحضة ، أو التشريعية غير الناسخة ، بأن تكون النسبة بين الشريعتين نسبة الأقل إلى الأكثر ، أو المجمل إلى المفصل ، والدليل الوحيد في القرآن ، على انسداد أبواب النبوّاة على اطلاقها ، هي الآية المتقدمة ، وما سيوافيك من الأحاديث المتواترة ، الدالة على اغلاق باب النبوّة على وجه الاُمة بعامة أنواعها واقسامها فلاحظ.