بتفضيلها ( مريم ) على نساء العالمين جميعاً.
على أنّه يمكن الأخذ باطلاق قوله سبحانه : ( وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) والقول بتفضيلهم على الناس كلّهم بتقريب أنّ ملاك فضلهم على غيرهم ، تخصيصهم بأشياء من بين الاُمم إذ انزل عليهم المنّ والسلوى ، وبعث فيهم رسلاً ، وأنزل عليهم الكتب ونجّاهم من فرعون وملائه إلى غير ذلك مما خص به تلك الاُمّة من بين الناس ولا يلزم منه تفضيل واحد منهم على غيرهم (١).
وعلى أي تقدير فالمتبع هو ظاهر الآية ما لم يدل دليل على خلافه ، وليست في المقام قرينة تصرف قوله سبحانه : ( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) عن ظاهره وصريحه.
ومن النصوص قوله سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) ( فصّلت ٤١ ـ ٤٢ ).
والمقصود من « الذكر » هو القرآن ، لقوله سبحانه : ( ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ ) ( آل عمران ـ ٥٨ ).
وقوله سبحانه : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) ( النحل ـ ٤٤ ).
والضمير في « لا يأتيه » يرجع إلى « الذكر » ومفاد الآية أنّ الباطل لا يتطرّق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من أي جهة من الجهات ، فلا يأتيه البطل بأي صورة متصورة ، ودونك صوره :
١. لا يأتيه الباطل : لا ينقص منه شيء ولا يزيد فيه شيء.
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ١٠٢.