وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ وَكَفَىٰ بِاللهِ حَسِيبًا ) ( الأحزاب : ٣٨ ـ ٣٩ ).
فإنّ قوله : ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ ) وإن كان بصيغة المضارع ، إلاّ أنّه مجرد عن الدلالة على الحال والاستقبال ، بدليل أنّه صفة لقوله سبحانه : ( الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ) فلو كانت الدلالة على الزمان مقصودة لوجب أن يقال : الذين بلغوا رسالات الله ، تطبيقاً للوصف على الموصوف ، ولما كان المقصود قيام الرسل الذين خلوا من قبل بنفس أمر التبليغ من غير دلالة على زمان القيام واستمراره ، صح توصيفه بالمضارع.
ثم إنّي وقفت بعد فترة من الزمان على سؤال وجّهه بعض الأجلّة (١) إلى العلمين الشيخ محمد جواد البلاغي (٢) والسيد هبة الدين الشهرستاني (٣) يسألهما عن تلك الشبهة الضئيلة ، وقد وافاه الجواب منهما ، وبعث السائل السؤال والجواب إلى مجلة العرفان (٤) فنشرهما مدير المجلة على صفحاتها (٥) فراقنا نقل الجوابين على وجه الاجمال ، لكون مضمونهما قريباً مما ذكرناه.
قال العلاّمة البلاغي : لابد من بيان أمرين :
الأوّل : إنّ تلك الطائفة لا يعرفون اللغة العربية وخواصها ، فإنّ الفعل المضارع غير مختص في المحاورات بالاستقبال ، بل يؤتى به منسلخاً عن خصوصيات الزمان للدلالة على الدوام والثبات كقولهم : زيد يكرم الضيف ، ويفك العاني ومن ذلك قول
__________________
(١) العلامة الچرندابي المغفور له كان آية في التتبع ، وله أشواط بعيدة وخدمات ومواقف مشكورة.
(٢) كان علماً من أعلام الاُمّة وفطاحلها ، قد أفنى عمره في الذب عن حريم التوحيد والرسالة ، توفّي عام ١٣٥٢.
(٣) نادرة الزمان ونابغة العراق ، توفّي في ٢٥ من شهر شوال عام ١٣٨٦.
(٤) مجلة علمية أدبية سياسية شيعية ، تصدر في مدينة صيدا ، من لبنان الجنوبي ، أسّسها الشيخ أحمد عارف الزين عام ١٣٢٧ وهي لم تزل تصدر إلى الآن.
(٥) المجلد السادس والثلاثون ص ٧٦٧ ـ ٧٧١.