اختصاص الخطاب والوعظ بهؤلاء شيء ، وجواز تكرار الرسالة بعد عصر القرآن شيء آخر ، يحتاج اثباته إلى دليل غير هذه الآية ، فإنّ أقصى ما في هذه ، هو وعظ الجيل الإسلامي بقصص المرسلين ، ولا بد أن يكون المتعظ به قبلهم ، كما أنّ القرآن يعظ الجيل الإسلامي ، بقصة موسى وفرعون ، ولا تحدث نفس صاحبهما بأنّ ذلك المتعظ به ، يجب أن يتكرر في المستقبل.
استدلت الفرقة التعيسة « البهائية » على عدم اختتام الرسالة ، وعدم انتهائها بآية ثانية ، وتقوّلت بأنّها تدلّ على خلاف ما هو المنصوص في غير موضع من الذكر الحكيم ، ودونك الآية :
( رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ ) ( غافر ـ ١٥ ).
قال المستدل في فرائده : إنّ قوله سبحانه : ( يُلْقِي الرُّوحَ ) بصيغة المضارع ينبئ عن عدم اختتام الرسالة ، وأنّ الروح ينزل بأمره على من يشاء من عباده في الأجيال المستقبلة (١).
توضيحه يحتاج إلى بيان أمرين :
١. الظاهر من « الروح » هو الوحي (٢) فاستعير له الروح ، لأنّه به تحيا القلوب وفيه حياة المجتمع ، ويوضح ذلك قوله سبحانه : ( وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا
__________________
(١) الفرائد ص ٣١٣ وص ١٢٦ من الطبعة الحجرية.
(٢) وقريب منه تفسيره بالقرآن أو كل كتاب أنزله سبحانه أو جبرئيل أو النبوّة ، وما اخترناه هو الأولى ، فتدبر.