استدل صاحب « الفرائد » بآية رابعة ، زعم دلالتها على عدم انقطاع الوحي والرسالة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي قوله سبحانه : ( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ ) ( النور ـ ٢٥ ).
قال : إنّ صيغة « يوفيهم » تبشّر عن دين حق يوفيه سبحانه على من يشاء من عباده في الأجيال الآتية بعد الإسلام ، وليس لك أن تحمله على الإسلام وتفسّره به ، لأنّه قد أكمل نظامه وتمت اُصوله وفروعه عام حجة الوداع بنص الذكر الحكيم ، كما قال سبحانه : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) ( المائدة ـ ٣ ) وهو سبحانه يخبر في هذه الآية عن وقوع الأمر ( توفية الدين الحق ) في الجيل الآتي (١).
هذا مبلغ علم الرجل ومقياس عرفانه بالكتاب وغوره في الأدب العربي وقد كان في وسع الرجل أن يرجع إلى أحد التفاسير ، أو إلى ابطال العلم وفطاحل الاُمّة وكانت بيئة مصر (٢) تجمع بينه وبين فطاحلها وأعلامها العارفين ، هذا هو أمين الإسلام الطبرسي ، فسّره في مجمعه بقوله : يتم الله لهم جزائهم الحق ، فالدين بمعنى الجزاء (٣) ، وقال الزمخشري : الحق ، صفة الدين وهو الجزاء (٤) لا الطريقة والشريعة.
__________________
كلّ هوى وميل شخصي ، ويتابع النصوص ومفادها ، فما أدت إليه بعد التمحيص ، تكون هي النتيجة التي ينبغي عليه اعتبارها حقيقة راهنة.
(١) الفرائد صفحة ١٢٢ الطبعة الحجرية.
(٢) فقد ألّف « الفرائد » بمصر ، أيام اقامته هناك ، وفرغ منه عام ١٣١٥.
(٣) مجمع البيان ج ٧ ص ١٣٤.
(٤) الكشاف ج ٣ ص ٢٢٣.