وليت الكاتب ، أمعن النظر في الظرف ( يوم ) الوارد في الآية المتقدمة أعني قوله سبحانه : ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم ... ) ففي أي يوم تشهد ألسنة المجرمين وأيديهم على أعمالهم الإجرامية ، فهل هذا اليوم إلاّ يوم البعث ؟ ففي ذلك اليوم يوفيهم الله جزاء الطغاة العصاة المفترين الكذّابين المبدعين ، الجزاء الحق الذي يستحقّونه بأعمالهم. ففي يوم واحد تشهد ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم ، ويوفي الله دينه الحق والجزاء الذي يستحقّونه.
على أنّ سياق الآية يوضح المقصود ، فإنّ الآية وردت في الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ، فعاتبهم بالآيات القوارع المشحونة بالوعيد الشديد ، والعتاب البليغ ، والزجر العنيف ، لإستعظام ما ركبوا من ذلك ، وما أقدموا عليه ، إذ قال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ المُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ المُبِينُ ) ( النور : ٢٣ ـ ٢٥ ).
ترى أنّه سبحانه حكم على هؤلاء العصاة اللاعبين باعراض الناس وحرماتهم بأحكام ثلاثة :
١. اللعن عليهم في الدينا والآخرة.
٢. شهادة أعضائهم على أعمالهم الإجرامية.
٣. توفية جزائهم الحق في ذلك اليوم.
ومع ذلك كيف عمي بصر الرجل وبصيرته ، وأرخى قلمه ولسانه ، وفسّر الآية برأيه الباطل ؟!
قد عرفت ما لدى الكاتب ومن لفّ لفه من شبهات تافهة ، أو تأويلات كاذبة اختلقوها لاغواء السذّج من الناس. هلم معي نقرأ آخر شبهة للقوم ، وهي الاستدلال