بالآية التالية : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) ( السجدة ـ ٥ ).
فقد فسّر صاحب الفرائد (١) تدبير الأمر بانزال الشريعة من السماء إلى الأرض وجعل عروجه في يوم كان مقداره ألف سنة ، بإندراس الشريعة تدريجاً طول هذه المدة بابتعاد الناس عن الدين ، ورفضه في مراحل الحياة ، وصيرورة القلوب مظلمة بالمعاصي ، مدلهمّة بالخطايا ، مريضة بشيوع الفساد والفوضى ، فيبعث الله عند ذلك رجلاً آخر يجدد الشريعة ويؤسّسها ويذهب بظلمات القلوب ، وعلى هذا فلا تدوم الشريعة أي شريعة كانت إلاّ يوماً ربّانياً ، وهو ألف سنة ممّا تعدون (٢).
ما ذكره بصورة الشبهة ، لا يصح إلاّ بعد تسليم اُمور ، لم يسلم واحد منها :
١. إنّ التدبير عبارة عن نزول الوحي وبلوغ الشريعة إلى النبي.
٢. إنّ الأمر في الآية هو الشريعة والطريقة.
٣. العروج هو انتهاء أمد الرسالة وانقضاء استعداد بقاء الشريعة واندراسها بشيوع الفساد والمعصية بين الاُمّة.
وليس أي واحد منها صحيحاً ولا قابلاً للقبول :
أمّا الأوّل : فلأنّ التدبير في اللغة والكتاب عبارة عن الإدارة على وجه تستوجبه المصلحة ، وتقتضيه الحكمة وأين ذاك عن نزول الشريعة من السماء إلى الأرض ، باحدى
__________________
(١) الفرائد الطبعة الحجرية.
(٢) ثمّ إنّه جعل مبدأ ذلك اليوم الربّاني عام غيبة ولي الله الأعظم المهدي ( عج ) عن الأبصار حتى يطابق مختتمه مفتتح عام ظهور الباب ، هذا مصداق واضح للتفسير بالرأي ، وكأنّه قد قرر النتيجة أوّلاً ثمّ راح يتفحّص عن دليل يوصل إليها فلم يجد دليلاً ، إلاّ بتحريف كلام الله وتأويله السخيف.