إذ لا يفهم من نسخها إنّها تعرج إلى السماء ، بل كل ما يستفاد ، إنّها تعطل عن العمل بها والسير عليها ، لا إنّها تعرج إليه سبحانه.
أضف إليه أنّه لو كان مراد المولى سبحانه ، هو الإخبار عن تجديد كل شريعة بعد ألف عام ، لاقتضى ذلك أن يعبّر عن مقصوده بعبارة واضحة يقف عليها كل من له إلمام باللغة العربية ، ولماذا جاء بكلام لم يفهم منه مراده سبحانه إلاّ بعد حقب وأجيال إلى أن وصلت النوبة لكاتب مستأجر فكشف الغطاء عن مراده سبحانه وقد خفى على الاُمّة جميعاً ، وفيها نوابغ العربية وفطاحلها ، حتى تفرّد هو بهذا الكشف ؟!
بقيت في المقام مشكلة ، وهي ابتداء تلك المدة واختتامها ، وقد حار فيها فاختار أنّ مبدأها هو عام غيبة الإمام المنتظر ، حتى يتطابق ختم ذلك اليوم الذي مقداره ألف سنة مع ظهور الباب (١) ولما رأى أنّ ذلك تفسيراً منه بالرأي ، اعتذر عن ذلك بأنّ الإسلام لم يكتمل إلاّ عام غيبة الإمام ، حيث حوّل الأمر إلى الفقهاء.
وأنت خبير بأنّ ما اعتذر به يتناقض مع صريح القرآن القاضي باكمال الدين بلحوق النبي بالرفيق الأعلى ، فقال سبحانه : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) ( المائدة ـ ٣ ).
ولو قال إنّ الآية ناظرة إلى الاكتمال من جانب الاُصول وتدعيم مبادئ الإسلام واُسسه بنصب الولي ، وأمّا الإكتمال من جانب الفروع فقد امتد بعد لحوق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرفيق الأعلى ، إلى عشرات السنين من عهود الأئمّة وأعصارها إلى غيبة وليّه ، فينتقض كلامه من جانب آخر ، فإنّه فسّر عروج الأمر بالنسخ التدريجي للشريعة ، وجعل النسخ عبارة عن ترك العمل بها واندارسها في مراحل الحياة ، وعلى ذلك يجب أن يكون مبدأ
__________________
(١) فقد اتفقت غيبة الإمام عام ٢٦٠ ، وادّعى الباب ما ادّعى ، بعد مضي ألف سنة من ذلك حيث كان خروجه سنة ١٢٦٠.