وقد ذكر القرآن في إحدى آياته هذا الزعم الباطل ، وذكر أنّ النصارى هم أيضاً يدّعون هذا الإدّعاء الفارغ عندما يقول :
( وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ) ( المائدة ـ ١٨ ).
والقرآن جاء يفنّد هذا الزعم بكل قوّة عندما يقول : ( فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ) وقد بلغت أنانية اليهود ، واستعلائهم الزائف حداً بالغاً ، وكأنّهم قد أخذوا على الله عهداً بأن يستخلصهم ، ويختارهم حيث قالوا :
( وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ) ( البقرة ـ ٨٠ ).
ولكن القرآن نسف بقوة هذا الزعم حيث قال في شكل إستفهام انكاري :
( قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) ( البقرة ـ ٨٠ ).
هكذا نستكشف من خلال هذه المزاعم وردودها أنّ اليهود كانوا يعدّون أنفسهم صفوة البشرية ونخبة الشعوب وكانوا يحاولون بمثل هذه المزاعم فرض كيانهم على العالم كأرقى نوع بشري انتخبه الله على سائر البشر ، حتى كأنّهم أبناء الله المدلّلون.
إنّ اليهود والنصارى كما كانوا يحاولون الاستعلاء الباطل عن طريق بث ( فكرة الشعب المختار ) كانوا من ناحية ثانية يعتبرون الأسماء ، أو الانتساب إلى اليهودية والمسيحية سبباً آخر من أسباب التفوّق في الدنيا ، والنجاة في الآخرة والفوز بالثواب الجزيل.
فقد كان في تصورهم أنّ الجنّة هي نصيب كل من ينتسب إلى بني اسرائيل أو يسمّى مسيحياً ليس إلاّ ، وكأنّه بإمكان الأسماء أو الانتساب أن تصبح يوماً ما سبيلاً إلى