ويؤيده قوله سبحانه :
١٠. ( فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) ( آل عمران ـ ١٩٥ ). فالمراد من المهاجرة هو الهجرة المعنوية حتى تصح مقابلتها مع قوله سبحانه : ( وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ ) إلى غير ذلك من الآيات والروايات.
نعم كثرت في القرون الأخيرة عناية طوائف من صوفية أهل السنّة بمسألة الإمامة والإمام ومنهم « النجانية » وقد كتب عنهم العقاد في كتابه « بين الكتب والناس » ومنهم « السنوسية » وقد أفاض فيهم القول البستاني في دائرة معارفه غير أنّ في بعض ما ذكروه خداعاً وضلالاً ، وللبحث عن ما يدّعونه من الكشف والعرفان مجال آخر لا يسعه المقام.
انّ الناظر في نهج البلاغة يجد في كلام الإمام علي عليهالسلام تصريحات وإشارات على فتح هذا الباب وعدم إيصاده فالإمام عليهالسلام يقول :
« قد أحيى عقله ، وأمات نفسه ، حتى دق جليله ، ولطف غليظه ، وبرق له لامع ، كثير البرق ، فأبان له الطريق ، وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه ، في قرار الأمن والراحة » (١) ، ويقول :
« هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين » (٢).
فهذه الكلمات العلوية تبيّن جلياً أنّ القلب يمكن أن يصبح محلاً للإشعاع الإلهي على مدار الزمان وفي زمن الخاتمية.
وقد روى الفريقان عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال من أخلص لله أربعين صباحاً ، فجّر الله ينابيع الحكمة من قلبه ، على لسانه (٣).
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة ٢١٥.
(٢) نهج البلاغة قصار الكلم الرقم ١٤٧.
(٣) سفينة البحار ، مادة « خلص » نقله عن عدة الداعي لابن فهد الحلي.