ونظمها الإسلام بقوانين ثابتة تطابق فطرته وتكفل للمجتمع تنسيق الروابط الاجتماعية والاقتصادية على أحسن نسق وحفظ حقوق الأفراد وتنظيم الروابط العائلية.
وحصيلة البحث : أنّ تطور الحياة الاجتماعية في بعض نواحيها لا يوجب أن يتغير النظام السائد على غرار الفطرة ، ولا أن تتغير الأحكام الموضوعة على طبق ملاكات واقعية ، من مصالح ومفاسد كامنة في موضوعاتها ، فلو تغير لون الحياة في وسائل الركوب ، ومعدات التكتيك الحربي و ... مثلاً ، فإنّ ذلك لا يقتضي أن تنسخ حرمة الظلم ووجوب العدل ولزوم أداء الأمانات ودفع الغرامات والوفاء بالعهود والإيمان و ...
فإذا كان التشريع على غرار الفطرة الانسانية ، وكان النظام السائد حافظاً لحقوق المجتمع وموضوعاً على ملاكات في نفس الأمر ، تلازم الموضوع في جميع الأجيال ، فذلك التشريع والنظام يحتل مكان التشريع الدائم.
إنّ للانسان مع هذه الصفات والمشخّصات الذاتية ، ظروف عيش اُخرى زمانية ومكانية ، لا تزال تتغير ، ويتغير معها وضع الانسان ، من حال إلى حال ، فمثل هذه الظروف الطارئة تتغير أحكامها بتغيرها.
وفي الفقه الإسلامي ، يطلق على الأحكام المتعلقة بهذه الظروف عنوان « المقررات » كما يطلق على الأحكام المتعلقة بالظروف الثابتة ، عنوان « القوانين ».
وهذه المقررات ليست بمعزل عن القوانين الكلية الإسلامية ، ولا تكون اعتباطاً وفوضى بل تجري في ضوء القوانين الكلية الثابتة ، بحيث لا تناقضها ولا تعطّلها ، وإن شئت قلت : إنّ هنا أحكاماً وخطوطاً عريضة تمثل القاعدة المركزية في التشريع الإسلامي وهي مصونة عن التحوّل والتبدل ، مهما اختلفت الأوضاع وتباينت الملابسات.
وهناك أحكام متفرّعة على تلكم الخطوط ، مستخرجة منها ، بإمعان ودراية