كاملاً ويعرض آراءه على الآيات القرآنية لا الآيات على ما يعتقده.
والطريق المفيد لتفسير القرآن ، أن لا يروم المفسّر ، تفسير كتاب الله سبحانه وقلبه ممتلئ بآراء وأفكار تخصّه ، ولا يتقدم إليه باحثاً عمّا قد يؤيد آراءه وأفكاره بل أن يتقدم إليه ليكتشف مقاصده ومراميه ، فإنّ العقيدة التي يمتلئ بها الشخص تملك عليه كل تفكيره ، ولا تترك له سبيلا إلى المقاصد التي يستهدفها الكتاب.
إنّ أحسن المناهج المتّبعة في التفسير ، عرض بعض الآيات على بعضها والاستمداد من الأحاديث الإسلامية الصحيحة لاستخراج المعاني والمفاهيم القرآنية استخراجاً صحيحاً. فيجب لاتّباع الطريقة المستقيمة في التفسير مراعاة الشرطين التاليين :
إنّ القرآن الكريم يؤكد بأنّه تبيان لكل شيء حيث يقول : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) ( النحل : ٨٩ ) ، فالقرآن حيث يكون موضّحاً لكل شيء كما هو مصرّح في هذه الآية ، فهو موضّح لنفسه أيضاً ، إذ لا معنى لأن يكون القرآن تبياناً لكل شيء ولا يكون تبياناً لنفسه فلابد أن يوضح أيضاً ما يبدو أنّه غامض في نفسه ، ومعنى هذا ، أنّه يمكن استيضاح بعض الآيات لفهم المراد من البعض الآخر.
القرآن كلّه « هدى » و « بيّنة » و « فرقان » و « نور » كما في قوله تعالي ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ) ( البقرة : ١٨٥ ) وقوله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ) ( النساء : ١٧٤ ).
والكتاب الذي يحتوي على هذه المزايا لا محيص من الاعتراف بأنّه يرفع عن نفسه ما يظن فيه من الالتباس والغموض ، ذلك لأنّه لا يمكن أن يكون كتاباً فارقاً بين الحق والباطل ، ونوراً هادياً للبشرية ، وبرهاناً مرشداً إلى ما فيه الصواب ثم يكون في جملة من آياته تعقيد يتيه الانسان في فهمه والتوصل إلى مفاهيمه. وعليه يجب الرجوع إلى الآيات نفسها لفهم ما اُشكل من الآيات الاُخرى التي تشبهها.