الجواب :
انّ خلود التشريع وبقاءه في جميع الأجيال ومسايرته للحضارات الانسانية ، واستغناءه عن كل تشريع سواه ، يتوقف على وجود أمرين فيه :
الأوّل : أن يكون التشريع ذا مادة حيوية خلاقة للتفاصيل بحيث يقدر معها علماء الاُمّة والاخصائيون منهم على استنباط كل حكم يحتاج إليه المجتمع البشري في كل عصر من الأعصار.
الثاني : أن ينظر إلى الكون والاجتماع بسعة وانطلاق ، مع مرونة خاصة تماشي جميع الأزمنة والأجيال ، وتساير الحضارات الانسانية المتعاقبة.
وقد أحرز التشريع الإسلامي كلا الأمرين :
أمّا الأمر الأوّل ، فقد أحرزه بتنفيذ اُمور :
انّ من سمات التشريع الإسلامي التي بها يمتاز عن سائر التشريعات ، ادخال العقل في دائرة التشريع ، والاعتراف بحجيته في الموارد التي يصلح له التدخل والقضاء فيها ، فالعقل أحد الحجج الشرعية وفي مصاف المصادر الاُخر للتشريع وأنّه يكشف عن الحكم الشرعي ويبيّن وجهة نظر الشارع في مورده ، وأنّ من الممتنع أن يحكم العقل بشيء ولا يحكم الشرع على وفاقه أو يحكم بخلافه ، فالملازمة بين العقل والشرع حتمية.
ولا يهمنا البحث في أنّ ما يدركه العقل في مورد هل هو نفس الحكم الشرعي ومن صميم التشريع الإسلامي أو أنّه يكشف عن نظر الشارع إذا توفرت فيه الشروط التي اعتبرها الشارع في حجية ادراكاته.
وإنّما المهم أن نقف على أنّ العقل احتل محلاًّ خاصاً في التشريع الإسلامي وانّ كل ما يحكم به العقل فكأنّه ينطق على لسان الشرع كالكتاب والسنّة ، فعند ذاك اعتمد