الضرائب وصرفها في محالها إلى غير ذلك ...
وليس معنى ذلك أنّ الفقهاء والحكّام الإسلاميين مثل النبي والأئمّة في جميع الشؤون والمقامات حتى في الفضائل النفسانية والدرجات المعنوية فإنّ ذلك رأي تافه لا يركن إليه ، إذ إنّ البحث إنّما هو في الوظائف المخوّلة إلى الحاكم الإسلامي والموضوعة على عاتقه لا في المقامات المعنوية والفضائل النفسانية ، فإنّهم صلوات الله عليهم في هذا المضمار في درجة لا يدرك شأوهم ولا يشق لهم غبار حسب روائع نصوصهم وكلماتهم.
وليست السلطة مفخرة للحاكم يعلو بها على سائر المحكومين بل هي من وجهة النظر الإسلامية مسؤولية اجتماعية كبرى أمام الله سبحانه أوّلاً ، وأمام المسلمين ثانياً ، والجهة الجامعة ما بين الحاكم والإمام في إدارة دفة الحكم وسياسة العباد ليس لها أي ارتباط بالمثل الخلقية والصفات النفسانية (١).
وهذه الوجوه التي مرت عليك بالاجمال أوجبت خلود الشريعة ، وبقاءها وصلاحها لإدارة المجتمع في الأعصار كلّها ، مع اختلافها في الحضارة والتقدم.
من الأسباب الدافعة إلى صلوح الإسلام للبقاء والخلود ، مرونة أحكامه التي تمكّنه من أن يماشي جميع الأزمنة والحضارات ، وقد تمثّلت هذه المرونة باُمور :
إنّ من الأسباب التي أوجبت خلود الدين الإسلامي ، وأعطته الصلاحية للبقاء مع اختلاف الظروف وتعاقب الأجيال ، كونه ديناً جامعاً بين الدعوة إلى المادة والدعوة
__________________
(١) ولاية الفقيه للاُستاذ الأكبر الإمام الخميني ـ قدّس الله سرّه ـ ص ٦٣ ـ ٦٦ وقد أشبعنا الكلام حول حقوق الحاكم الإسلامي في الجزء السابق فلاحظ.