ترى أنّه سبحانه عندما رام أن يشير إلى هذه الكتب المعهودة عرفها باللام إشارة إلى معهوديتها.
أضف إليه أنّ الهدف الأسمى للآية من نفي التلاوة والكتابة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم هو قلع جذور الريب والشك من قلوب المبطلين ، ولا يتحصل ذلك إلاّ بكونه اُمّياً غير قارئ ولاكاتب قط ، ولا يحسن القراءة والكتابة أصلاً. ولو صح ما يرتئيه الدكتور لما نهضت الآية إلى رفع آثار الشك وغبار الريب بل كان باب اكتساب الشك في أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم والقاء الريب في قلوب ضعفاء الناس بنبوّته مفتوحاً بمصراعيه. إذ كان للجاحد المبطل أن يقول انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بمزاولته صحف والكتب العربية ، وقف على أحوال الماضين وأقاصيص الأوّلين ، فأودع نتائج أفكاره وما استحصل عليه منها بعد سبره لغورها ، في هذه الصحائف وفي ضمنها من هذه السور والآيات التي افتراها على الله ، وقد رماه بهذه الفرية الشائنة رؤوس الكفر والعناد فيما حكاه عزّ وجلّ : ( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) ( الفرقان ـ ٥ ).
وفي نفس الآية دليل بارز على أنّ الهدف منها هو نفي مطلق التلاوة والكتابة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث عطف على الجملة الأولى : ( وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ ) قوله : ( وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ).
بيانه : لو كان المراد من الآية سلب القدرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في خصوص ما يتعلّق بتلاوة الكتب الدينية النازلة باللغة العبرانية أو غيرها من اللغات غير الدارجة في الجزيرة العربية ، لكان له تعالى أن يقتصر عل الجملة الاُولى ، ولا يردفها بقوله : ( وَلا تَخُطُّهُ ) لوضوح الملازمة بين السلبين. فإذا كان الرجل لا يقدر على قراءة كتاب اُلّف بلغة خاصة ، فهو لا يقدر على خطها وترسيمها بتاتاً ، فعلى ذلك لماذا جيئ بالمعطوف مع امكان الاستغناء عنه بما تقدم عليها.
ولكن لو كان الغرض هو التنبيه على اُمّية النبي بأوضح العبارات ، والاجهار بها بأصح الأساليب ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل بعثته لم يكن قارئاً ولا كاتباً بتاتاً ، بل كان بعيد عن ذلك