أنّ النفي قد تعلق بما قبل النبوّة دون ما بعدها ، ولأنّ التعليل في الآية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوّة (١) لأنّ المبطلين إنّما يرتابون في نبوّته لو كان يحسن الكتابة قبل النبوّة فأمّا ما بعدها فلا تعلق له بالريبة والتهمة فيجوز أن يكون تعلّمها من جبرئيل بعد النبوّة (٢).
وكلامه هذا يعرب عن توقفه في المسألة كما هو صريح قوله : « من غير قطع بأحد الأمرين » وما ذكره « ظاهر الآية يقتضي أنّ النفي قد تعلق بما قبل النبوّة دون ما بعدها » صحيح لو أراد بذلك نفي دلالة الآية على أحد الأمرين وأمّا لو أراد به دلالتها على كونه قارئاً وكاتباً بعد فموهون بما أوضحناه عند البحث عن كلام تلميذه الجليل شيخ الطائفة رحمه الله ، مع أنّه بعيد عن ظاهر كلامه.
وأمّا ما أفاده من « إنّ المبطلون إنّما يرتابون في نبوّته لو كان يحسن الكتابة قبل النبوّة فأمّا ما بعدها فلا تعلّق له بالريبة والتهمة » غير ثابت ولا ظاهر بل يمكن أن يتطرق الشك إلى نبوّته لو كان يحسنها بعد النبوّة إذا تظاهربها في مرآى ومسمع من الناس ، فلاحظ التعليقة السابقة.
استدل الدكتور عبد اللطيف الهندي بقوله سبحانه : ( رَسُولٌ مِّنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) ( البينة : ٢ ـ ٣ ) قال : « إنّه يدل على تحقق التلاوة منه صلىاللهعليهوآلهوسلم أيام رسالته وفي رحاب دعوته ».
لكنّه لا يدل على ما رامه فإنّ التلاوة كما تصدق على التلاوة عن الكتاب ، تصدق
__________________
(١) اختصاص التعليل بما قبل النبوّة غير ظاهر بل لو تظاهر النبي بالقراءة والكتابة بعد نبوته ، فهو وإن كان يعد معجزة ومفخرة له عند من خلصت نيته ، وطهر قلبه ، لكنّه يوجب تسلل الشك إلى اُمّيته قبل نبوته عند المبطلين والمشككين فيضلّون ويضلّون ، وينشرون الأوهام والأراجيف حول دعوته ورسالته ، نعم لو كان عارفاً بها غير متظاهر لصح اختصاص التعليل بما قبل النبوّة.
(٢) مجمع البيان ج ٨ ص ٢٨٧ ، مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٦١.