به حتى ظننت أنّه الموت ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ؟ قال : قلت : ماذا أقرأ ؟ ما أقول ذلك إلاّ افتداءاً منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي فقال : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) قال : فقرأتها ثمّ انتهى ، فانصرف ، وهببت من نومي ، فكأنّما كتبت في قلبي ، قال : فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوت من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبرئيل ، قال : فرفعت رأسي إلى السماء انظر فإذا بجبرئيل في صورة رجل صف قدميه في افق السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبرئيل ».
ويظهر من البخاري من صحيحه أنّ جبرئيل نزل بسورة العلق حينما كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقضاً لا نائماً ، وأنّه تحمّل بدء الوحي في حال اليقظة حيث قال : فجاءه الملك فقال : اقرأ ؟ ما أنا بقارئ (١) قال : فأخذني فغطني حتى بلغ منّي الجهد ، ثمّ أرسلني فقال : اقرأ ؟ قلت : ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ منّي الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ؟ فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثمّ أرسلني فقال : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ).
إنّ سند الحديث ينتهي إلى أشخاص ثلاثة يستبعد سماعهم الحديث عن نفس الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ودونك أسمائهم.
١. عبيد بن عمير بن قتادة الليثي ، أخرج الحديث عنه ابن هشام في سيرته ج ١ ص ٢٣٥ ، والطبري في تفسيره ج ٣٠ ص ١٦٢ ، وتاريخه ج ٢ ص ٣٠٠ ، وقد ترجم الرجل ابن الاثير في اُسد الغابة ج ٣ص ٣٥٣ ، وقال ذكر البخاري أنّه رأى النبي وذكر مسلم أنّه ولد على عهد النبي ، وهو معدود في كبار التابعين يروي عن عمر وغيره من
__________________
(١) وهذا شاهد على أنّ الملك لم يرد أن يلقنه الآيات ليتابعه في القراءة فإنّ ذلك أمر مقدور للقارئ والاُمّي ، ولو أراد هذا كان المناسب أن يقول ماذا أقرأ ، بل أراد أن يقرأه النبي بنفسه بلا متابعة.