أخرجه أصحاب الصحاح والسنن ونقلها أهل السير والأخبار كافة ويكفيك ما أخرجه البخاري عن ابن عباس قال : لما حضر رسول الله وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطاب قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : هلم اكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده ، فقال عمر : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول قربوا يكتب لكم النبي كتاباً لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قوموا ، فكان ابن عباس يقول : إنّ الرزية ما حال بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم (١).
أخذ المستدل بظاهر الحديث وقال : النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم طلب أن يكتب كتاباً ، وظاهره كون الكاتب نفسه لا غير ، لكنّه نسى أو تناسى أنّ في الإسناد مجازاً وأنّه من باب كتب الأمير ، أو كتب الملك وليس معناه أنّه كتب بنفسه ، بل السيرة على أنّ الملك أو الأمير يمليان والكاتب يكتب وينفّذانه بخاتمهما ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يملي والكاتب يكتب ولا يكتب بيده ، وهكذا كانت سيرة الخلفاء من بعده ، ما كانوا يكتبون إلاّ في مواقف خاصة.
ملخّصه : لما اعتمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام ، فلما كتبوا الكتاب ، هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قالوا : لا نقر بهذا ، لو نعلم أنّك رسول لله ما منعناك شيئاً ولكن أنت محمد بن عبد الله ، فقال : أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله ، ثمّ قال لعلي عليهالسلام :
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٢ ص ٢٢ كتاب العلم ، وأخرجه مسلم في آخر الوصايا في صحيحه ج ٢ ص ١٤ ، وأحمد في مسنده ج ١ ص ٣٢٥ وغيرهم من أعلام الاُمّة.