مغيبات القرآن
وأخباره الغيبية
لقد تحدى القرآن في مواضع عديدة من آيات سوره تحدّياً يثير روح المنافسة على أشدها في نفوس من يتحداهم ، وتحققت نبوءة القرآن ولا تزال متحققة حيث انقرضت طبقة المخاطبين ومضت أجيال من عرب وأعجام ، وكلهم اعترفوا بالعجز عن المعارضة مع كثرة من تتطاول أعناقهم إلى هدم بناء الدين ، وإبطال معجزة الإسلام الخالدة.
إنّ المتأخرين من الناقدين لا يعييهم في العادة أن يستدركوا على السابقين إمّا نقصاً يعالجوه بالكمال أو كمالاً يعالجونه بما هو أكمل منه ، وإذا فرضنا أنّ واحداً قد عجز عن هذا ، فمن البعيد أن تعجز عنه جماعة ، وإذا عجزت جماعة فمن البعيد أن تعجز اُمّة ، وإذا عجزت اُمّة ، فمن البعيد أن يعجز جيل ، وإذا عجز جيل فمن البعيد أن تعجز أجيال ، فكيف يصدر إذن مثل هذا التحدّي عن رجل يعرف ما يقول فضلاً عن رجل عظيم ، فضلاً عن محمد أفضل المرسلين؟ وهل يمكن أن يفسر هذا التحدّي الجريء الطويل العريض ، إلاّ بأنّه استمداد من وحي السماء واستناد إلى من يملك السمع والأبصار ، وحديث عن من بيده ملكوت كل شيء ، وهو يجير ولا يجار عليه (١).
__________________
(١) مناهل العرفان ج ٢ ص ٢٦٨.