مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( هود ـ ١٣ ).
وقال سبحانه : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( يونس ـ ٣٨ ).
ترى في هذه الآيات من التنبّؤ الواثق بعجز الانس والجن عن معارضة القرآن ولكن المستقبل كما يقال « غيب » لا يملكه النبي ولا الوصي ولا أي شخص سواهما غير أنّ النبي صار صادقاً في تنبّؤه هذا ، ولا يزال صادقاً في الحال فعلى أي مصدر اعتمد هو في هذا التحدي الطويل العريض ، غير الإيحاء إليه الذي لم يزل يصدر عنه في اخباره وتشريعه ؟
قال سبحانه : ( الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ للهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) ( الروم : ١ ـ ٦ ).
وقد وقع ما أخبرت به الآية بأقل من عشر سنين ، فغلب الروم ودخل جيشهم مملكة الفرس باجماع من أهل التاريخ ، ودونك اجماله : انّ دولة الرومان وهي مسيحية كانت قد انهزمت أمام دولة الفرس وهي وثنية بعد حروب طاحنة بينهما سنة ٦١٤ م فاغتمّ المسلمون بسبب أنّها هزيمة لدولة متديّنة أمام دولة وثنية ، وفرح المشركون وقالوا للمسلمين بشماتة : إنّ الروم يشهدون أنّهم أهل كتاب ، وقد غلبهم المجوس ، وأنتم تزعمون أنّكم ستغلبوننا بالكتاب الذي اُنزل عليكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم.
فنزلت الآية الكريمة يبشّر الله فيها المسلمين : بأنّ هزيمة الروم هذه سيعقبها انتصار للمسلمين في بضع سنين ، أي في مدة تتراوح بين ثلاث سنوات وتسع ، ولم يك مظنوناً وقت هذه البشارة ، انّ الروم تنتصر على الفرس في مثل هذه المدة الوجيزة بل كانت المقدمات والأسباب تأبى ذلك عليها ، لأنّ الحروب الطاحنة انهكتها حتى غزيت في عقر دارها ، كما يدل عليه النص الكريم : ( فِي أَدْنَى الأَرْضِ ) ولأنّ دولة الفرس كانت