قال سبحانه : ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ) ( التوبة : ٣٢ ـ ٣٣ ويقرب منهما ما ورد في سورة الصف ٨ ـ ٩ ، باختلاف يسير ) فأظهره على الدين كلّه أعزّ اظهار ، اُرغمت به آناف المشركين ، وقبض ولحق بالرفيق الأعلى ، ولم يبق في الجزيرة العربية وثن ولا وثني ، ولأعلام التفسير حول الآية كلمات تفسر الآية بغير ما ذكرناه.
قال صاحب المنار بعد ما حقّق وفصل أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يصلح لأن يكون عالمياً ، ويظهر على الدين كلّه ، وأنّه صح عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنّ الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك اُمتي ما زوى لي منها » ، قال : ومن العلماء من يقول إنّ بعض البشارات هذه لا يتم إلاّ في آخر الزمان عند ظهور المهدي وما يتلوه من نزول عيسى بن مريم عليهالسلام من السماء وإقامته لدين الإسلام (١).
وفسّر الطبرسي « الظهور » بالغلبة بالحجة والقهر معاً ، وقال أي ليظهر دين الإسلام على جميع الأديان بالحجة والغلبة والقهر لها حتى لا يبقى على وجه الأرض دين إلاّ مغلوباً ، ولا يغلب أحد الإسلام بالحجة وأهل الإسلام يغلبون أهل سائر الأديان بالحجة ، وأمّا الظهور بالغلبة فهو أنّ كل طائفة من المسلمين قد غلبوا على ناحية من نواحي أهل الشرك ولحقهم قهر من جهتهم.
وقيل : أراد عند نزول عيسى بن مريم فانّه لا يبقى أهل دين إلاّ أسلم أو أدّى الجزية ، وقال أبو جعفر عليهالسلام إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد فلا يبقى أحد إلاّ أقرّ بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال المقداد بن الأسود سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله الله كلمة الإسلام أمّا بعزّ عزيز وأمّا
__________________
(١) المنار ج ١٠ ص ٤٦٠.