المراد هم الذين كانوا يظاهرون بعدوانه.
قال الطبرسي : تدل الآية على أنّه يجوز أن يخاطب الله تعالى بالعام والمراد به الخاص لأنّا نعلم أنّ في الكفّار من آمن وانتفع بالانذار (١).
ومثله تنبّؤ القرآن بأنّ عدو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ( العاص بن وائل السهمي هو الأبتر ) وأنّ الله سبحانه سيرزق نبيّه ذرية كثيرة حتى يصير نسبه أكثر من كل نسب ، قال سبحانه : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) (٢). قال في تفسير الفخر : إنّ هذه السورة إنّما نزلت رداً على من عابه عليهالسلام بعدم الأولاد ، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مر الزمان ، فانظر كم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم ولم يبق من بني اُمية في الدنيا أحد يعبأ به ، ثم أنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليهمالسلام والنفس الزكية وأمثالهم.
كل ذلك دليل على أنّه لا مصدر لهذه التنبّؤات والإخبارات الغيبية إلاّ الله سبحانه علاّم الغيوب.
تنبّأ القرآن بالمستقبل الأسود الذي كان ينتظر قريشاً ، وذلك عندما دعا النبي على قومه لما كذبوه بقوله : اللّهمّ اجعلها عليهم سنيناً كسني يوسف ، فأجدبت الأرض فأصابت قريشاً المجاعة ، وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان ، وأكلوا الميتة والعظام ، ثمّ جاءوا إلى النبي وقالوا : يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم ، وقومك قد هلكوا فسأل الله تعالى لهم بالخصب والسعة ، فكشف عنهم ثم عادوا إلى الكفر (٣) وإلى ذلك يشير قوله سبحانه :
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٤٣.
(٢) لاحظ مجمع البيان ج ٥ ص ٥٤٠ ومفاتيح الغيب ج ٨ ص ٤٩٨.
(٣) مجمع البيان ج ٥ ص ٦٣ ، البرهان ، ج ٤ ، ص ١٦٠.