إلى هنا يكون قد تبيّن صحة تنبّؤ القرآن حول اليهود ، وأنّه ما تخلف طيلة أربعة عشر قرناً ، قدر شعرة غير أنّ هنا سؤالاً ، يوجهه الشباب حول الآية وهو أنّه كيف وصفهم الله بضرب الذل والهوان عليه مع أنّه استقرّت لهم السيادة في الأراضي المحتلة فجمعوا من العدة والعدد ما أوجب نجاحهم في هذه المعارك الرهيبة لا سيما في نكسة الخامس من حزيران ، وتمكن الاجابة عن هذا السؤال بوجوه :
الجواب الأوّل :
إنّ مشيئة الله سبحانه في خلقه وعباده تجري على وفق القوانين والسنّن الكونية ولا تختلف باختلاف الاُمم ، فالعارف بفن السباحة ـ مثلاً ـ يعوم ويصل إلى شاطئ الأمان والجاهل بها يرسب ويكون عرضة للهلاك ، ومن زرع حصد ومن لم يزرع لم يحصد ، والإيمان لا ينبت قمحاً والكفر لا ينبت شوكاً في هذه الحياة ، وكذلك من أعدّ العدّة لعدوّه واحتاط له ، ظفر به وإن كان ملحداً ، إذا لم يكن الآخر على حذر واستعداد ، ومن تقاعس وأهمل خسر ، وإن كان من الأولياء والصديقين ، قال تعالى مخاطباً أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالآية ٤٦ من الآنفال : ( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) وقال الإمام علي عليهالسلام : « إنّ هؤلاء ـ يشير إلى أصحاب معاوية ـ قد انتصروا باجماعهم على باطلهم وخذلتم ـ الخطاب لأصحابه ـ بتفرّقكم عن حقّكم » ، إذن الحق لا ينتصر لمجرد أنّه حق ، والباطل لا يخذل لمجرد انّه باطل ، بل هناك سنن في هذه الحياة تسير المجتمع ، وتتحكّم به ، والله سبحانه لا يسقطها ولا يعطّل سيرها ، تماماً كما هو شأنه في سنن الطبيعة ، انّ الله سبحانه قد خلق الحياة وجعل لها قوانين تحكمها ، وتأبى هذه القوانين أن تمطر السماء نصراً على غير العاملين له.
وعليه فلا عجب أن تغتال الصهيونية جزءً من أرضنا بمعونة الاستعمار مادمنا في