يجري في سائر نعوته وصفاته من قدرته وحياته و ... فما يجري منها على الواجب سبحانه لا يمكن تشريك الغير فيه ، ولا يصح اطلاقه عليه ، وما يجري على من سواه لا يصح اطلاقه عليه سبحانه ، ولا يطلق إلاّ على غيره من المخلوقين ، فلنذكر ما يدل على اختصاص العلم بالغيب بالمعنى الأول والذي يمكننا استفادته منه وجوه :
فمن الآيات الدالّة على الحصر به قوله سبحانه : ( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ) ( الانعام ـ ٥٩ ) وقوله تعالى : ( قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ ) ( النمل ـ ٦٥ ).
وأمّا قوله سبحانه : ( فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ المُنتَظِرِينَ ) ( يونس ـ ٢٠ ).
وقوله تعالى : ( وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) ( النحل ـ ٧٧ ) وقوله سبحانه : ( وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ ) ( هود ـ ١٢٣ ) ، فلا يدل على مانحن بصدده.
إذ المقصود من قوله : ( إِنَّمَا الْغَيْبُ للهِ ) هي الآيات الباهرات والمعجزات التي يستدل بها على نبوّة المدعي وصلته به سبحانه ، وذلك ظاهر لمن أمعن النظر في سياق الآيات. وأمّا قوله سبحانه : ( وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) فالمراد منه : أنّ الحكومة المطلقة في السماوات والأرض غيبهما وشهادتهما ، باطنهما وظاهرهما ، لله سبحانه ، وأنّه تعالى يملك غيب السماوات والأرض ملكاً لا حدود له ، وله أن يتصرّف فيه كيف يشاء كما يملك شهادتهما ، وكيف لا وغيب الشيء لا يفارق شهادته وهو موجود ثابت معه ، وله الخلق والأمر ؟!
ويؤيده ذيل الآية ، وهو قوله : ( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) والمعنى أنّ الساعة الموجودة ، ليست بأمر محال حتى لا تتعلّق بها قدرة ، بل هي من غيب