جليلة من عباده المخلصين من انبيائه ورسله وخيار عباده وان الله أظهر من علمه المكنون ما كان خفياً ، على بعض رسله وانبيائه وثلّة من أوليائه ودونك ما وقفنا عليه عند التدبر في الذكر الحكيم.
قال سبحانه : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) ( البقرة : ٣١ ـ ٣٣ ).
والنظر الدقيق في هذه الآيات الثلاث يقودنا إلى أنّه سبحانه أطلع نبيه آدم عليهالسلام على جملة من الحقائق كان يغيب علمها عن الملائكة وقد أخبر آدم ـ بأمر من الله ـ الملائكة عن هذه الحقائق التي عبر عنها القرآن بالأسماء ، وليس المراد من الأسماء في الآية : ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) أسماء الأشياء فقط فإنّ معرفة الأسماء لا تعد فضيلة لآدم عليهالسلام.
وإنّما المقصود منها مسمّياتها ـ أي حقائق الأشياء ـ وعلى هذا علمه سبحانه أسرار الخليقة فاطّلع على خواص الأشياء وآثارها فصارت نتيجة تعليم الأسماء لآدم عليهالسلام هو نصب الحقائق الكونية بين يديه وإخباره عن واقع الحياة (١). والاتيان بضمير الجمع المذكر العاقل في قوله تعالى : ( ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ ) دون الاتيان بضمير المفرد المؤنث يدل على ما قلناه فلو كان الهدف تعليم نفس الأسماء لآدم عليهالسلام فحسب لكان ضمير المفرد المؤنث جديراً بالمقام. وهذه الآيات الكريمة دلّت على وجود علم الغيب الفعلي عند آدم عليهالسلام وذلك لأنّ الاطّلاع على الغيب
__________________
(١) قد نقل العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان ج ١ ص ٧٦ طبع صيدا ، أقوال المفسرين حول المراد من الأسماء واختار ما ذكرناه.