( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ ) ( الأنعام ـ ٧٥ ).
فالملكوت هو الملك كالطاغوت والجبروت وإن كان آكد بالنسبة إلى الملك كما أنّ الطاغوت والجبروت آكد بالنسبة إلى الطغيان والجبر والجبران.
والمراد من اراءة ملكوت السماوات والأرض لإبراهيم هو توجيه نفسه الشريفة إلى مشاهدة الأشياء من جهة استناد وجودها إليه استناداً لا يقبل الشرك بحيث عاد إبراهيم بعد تلك الاراءة فحكم أنّ ليس في صفحة الوجود ربّ غيره سبحانه يتولى تدبير النظام وإدارة الاُمور حتى صار من الموقنين.
وهذه الاراءة لا تقل عن علم الغيب بما هو خارج عن إطار الحس لو لم يكن أشرف منه.
وللبحث حول قصة إبراهيم ودلائله الباهرة في إبطال ربوبية الأجرام السماوية والأرضية مجال آخر قدمنا بعضه في الجزء الأوّل من هذه الموسوعة (١).
هذا هو لوط أحد الأنبياء ، المعاصر لإبراهيم فقد اطّلع على مسير قومه وهلاكهم في وقت الصبح عن طريق جنود ربّه ورسله قال سبحانه :
( قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) ( هود ـ ٨١ ).
فلو أخبر هذا النبي الكريم بطانته الصالحين بأنّ قومه سيهلكون في الصبح وأنّ موعدهم هو ذاك الوقت ، يصح أن يقال : إنّه مخبر عن الغيب وعالم به وإن كان علمه
__________________
(١) لاحظ الجزء الأول ص ١٣٢ ـ ١٤٣.