الخبر بأنّه : ( سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ) ( يوسف ـ ٨٣ ).
ولمّا اعترض أولاده على بكائه بقولهم : ( تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ ) أجابهم بقوله : ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) ( يوسف : ٨٥ ـ ٨٧ ).
هذه تنبّؤات نبي الله يعقوب فيعرب عن صدق قوله سبحانه : ( وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ ) كما يدل على صدق قوله : ( وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ).
أفبعد هذه التنبّؤات يصح لقائل أن ينفي علمه بالغيب بتاتاً.
أضف إلى ذلك قوله : ( عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ ) ( يوسف ـ ٨٣ ).
مخبراً عن حياة يوسف وأخيه وأنّه وأخاه سوف يأتي الله بهما.
وهكذا قوله سبحانه :
( اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ * وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَن تُفَنِّدُونِ ) ( يوسف : ٩٣ ـ ٩٤ ).
فلو لم يك يعقوب عليهالسلام عالماً بمصير يوسف ولم يدر عما بلغ إليه ولده من جلال وعظمة ، ولم يك مطلعاً على تعرف الاخوة على أخيهم ورجوعهم بخبره السار ، كيف يقول : ( إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ) أليس هذا علماً بالغيب وهبه الله لنبيه المبتلى يعقوب ؟
قال سبحانه : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ