وهل الاطّلاع على لسان الهدهد إلاّ اطّلاع على الغيب ؟
قال سبحانه : ( وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) ( آل عمران ـ ٤٩ ).
طفق المسيح عليهالسلام ينبئ قومه ـ بإذنه سبحانه ـ بأسرارهم وما كانوا يدّخرون في الصيف لشتائهم بمقداره ولونه وحقيقته. وكان ذلك إحدى معجزاته.
وكذا قوله :
( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) ( الصف ـ ٦ ).
أليس في إخبار عيسى عليهالسلام وتبشيره بقدوم النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ستمائة عام إخباراً عن الغيب ؟
ونظيره ما ورد في العهدين حول نبينا الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم من ذكر أسمائه وصفاته وما يحل به وبأولاده واُمته وغلبة دينه على جميع الشرائع ، فإنّ تلكم البشارات الواردة فيها مع تحقق مضمونها تعتبر دليلاً على أنّ المبشرين بها كانوا يعلمون الغيب وهم إمّا أنبياء الاُمم السالفة أو أوصياؤهم.
قال سبحانه : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الخَبِيرُ ) ( التحريم ـ ٣ ).
قال الطبرسي : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أسرّ إلى حفصة حديثاً ، أمرها باخفائه لكن حفصة أخبرت غيرها به ، فأفشت سره صلىاللهعليهوآلهوسلم وأطلع الله نبيه على ما جرى من افشاء سره فعرّف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حفصة ببعض ما ذكرت وأفشت ، وأعرض عن بعض ما ذكرت فلم يخبر