أمّا تعرّفت زوجة إبراهيم بأنّ الله سبحانه وتعالى سيرزقها ولداً عند كبر سنها عن طريق الغيب ؟ إنّ مثل هذه المواضيع التي ينحصر معرفتها عن طريق الملائكة يعرفها أناس ليسوا بأنبياء وهل نستطيع أن نفسر معرفتهم لها عن غير طريق الغيب ؟
قال سبحانه : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ ) ( القصص ـ ٧ ). ويظهر من هذه الآية أنّ اُم موسى عرفت عن طريق الغيب مستقبل ولدها وأنّ الله تعالى سيحفظه إلى أن يعيده إليها سالماً ، فنحن هنا لا نجد أي فرق بين اطلاعها على الغيب أو اطلاع أحد من الأنبياء والأوصياء عليه.
هذا صاحب موسى الذي آتاه الله رحمة وعلماً من عنده ، قد أحاط بما لم يحط به موسى عليهالسلام فخرق السفينة ، علماً منه بأنّ وراء السفينة ملكاً يأخذ كل سفينة غصباً ، فخرقها حتى لا يرغب فيها ، وقتل غلاماً كان أبواه مؤمنين فخشى أن يرهقهما طغياناً وكفراً وأقام جداراً يريد أن ينقض لعلمه بأنّ تحته كنزاً لغلامين يتيمين وكان أبوهما صالحاً ، فأراد ستره وصيانته عن أعين الناس حتى يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما ، ثم أسند علمه وعمله هذا إلى الله تعالى وقال : ( وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ) ( الكهف : ٦٠ ـ ٨٢ ).
فدلّ هذا على أنّ الله تعالى هو الذي أخبره عن هذه الأسرار الغيبية. والنظرة الموضوعية في هذه الأدلة الكافية من القرآن الكريم لا تدع للباحث مجالاً للشك أو التردد في هذه المسألة.
والحقيقة التي نصل إليها بعد كل هذا : أنّه لا يمكن لمن آمن بالقرآن أن ينفي