( علم الغيب ) عن البشر لأنّ القرآن أثبت ـ كما رأينا ـ هذا العلم للأنبياء ولغيرهم من بعض الصالحين ، وأمّا الآيات القرآنية التي دلّت بظاهرها على اختصاص علم الغيب بالله ونفيه عن البشر فقد أوضحنا المقصود منه ، فلاحظ.
ولا بأس ختاماً للبحث أن نذكر بعض الآيات الاُخرى التي استدل بها علماؤنا الإمامية في هذا المجال وإن كان للمناقشة مجال في بعضها :
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شهيد على الاُمّة بنص القرآن العظيم والشهادة على الشيء فرع العلم به وذلك في قوله سبحانه : ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) ( البقرة ـ ١٤٣ ) وقوله سبحانه : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلاءِ شَهِيدًا ) ( النساء ـ ٤١ ).
وليس المراد من الشهادة في الآيتين وغيرهما الشهادة على صور الأعمال والأفعال حتى يكتفي فيه بالحواس العادية والقوى الكامنة في البدن بل الشهادة على حقائق الأعمال والمعاني القلبية من الكفر والإيمان والإخلاص والرياء وغيرها وهي مما لا تكفيه الحواس العادية بل يحتاج إلى احساس آخر وراء الاحساس العادي.
ما دل على أنّ الله ورسوله بل المؤمنون يرون عمل المنافقين وذلك في قوله سبحانه : ( يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( التوبة ـ ٩٤ ).
ونظير قوله سبحانه : ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( التوبة ـ ١٠٥ ).