سَاجِدِينَ ) ( ص : ٧١ ـ ٧٢ ) هذا وأنّ التعرف على مفاد الآية يتوقّف على الاطلاع على موارد استعمال لفظة ( ما كان ) في القرآن الكريم وكيفية استعمالها قال سبحانه :
١. ( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) ( البقرة ـ ١٤٣ ).
٢. ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي ) ( آل عمران ـ ٧٩ ).
٣. ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ ) ( آل عمران ـ ١٤٥ ).
٤. ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ) ( الأنفال ـ ٦٧ ).
٥. ( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ ) ( التوبة ـ ١٧ ).
٦. ( وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللهِ ) ( يونس ـ ٣٧ ).
٧. ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ ) ( الرعد ـ ٣٨ ).
إنّ التعمّق في هذه الآيات ونظائرها يعطي أنّ الهدف من هذا النفي هو نفي الاقتضاء الذاتي لمضمون الجملة ، ومعناه أنّ الموضوع لا يقتضي مثل هذا الأمر ذاتياً ، ولكن مثل هذا النفي ينقسم إلى قسمين :
١. النفي الأبدي حيث لا يحتمل التغيير والخلاف في موضوعه أبداً مثل قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ) فليس من شأن الله تضييع جزاء الأعمال لأنّ تضييع جزاء الأعمال لون من ألوان الظلم وتخلف عن الوعد ، وهو منزّه عنهما.
٢. النفي غير الأبدي : وهو ما يمكن تغيير موضوعه أو مضمونه في ظل عنوان آخر كما في الآية التالية : ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ ) ( الرعد ـ ٣٨ ).
والهدف من هذه الآية هو : أنّ أي رسول من قبل الله لا يملك القدرة على الاتيان بمعجزة ، ولكن عدم تمكن الرسول من نفسه لا يعني عدم تمكنه على الاتيان بالمعجزة على الاطلاق فإنّ ذلك ممكن له في ظلال قدرة الله تعالى.
إذا وقفت على ما ذكرناه يتضح لك مفهوم الآية المبحوث عنها ، أنّها تقول : ما