هذه أربعة عشر خبراً غيبياً من روائع نصوص الإمام تدل على وقوفه على ما غاب عن الحس بإذن من الله سبحانه. وقد نقل الشارح الحديدي كثيراً من أخباره الغيبية في أجزاء كتابه ، وقد نقلنا بعضها في ما تقدم فلاحظ بعضها في الجزء الثاني من شرحه ص ٢٨٦ ـ ٢٩٥ ترى فيه أخباراً غيبية كثيرة كيف وقد روي عنه عليهالسلام إخبارات غيبية مبثوثة في كتب الحديث والتاريخ بحيث لو جمعها جامع لخرج بسفر جليل وضخم وفيما نقلناه كفاية للقارئ الكريم.
هذا هو الحق الذي أحق أن يتبع ، وقد صدقه كتاب الله العزيز وأيّدته النصوص المستفيضة وأطبقت عليه الأعلام في العصور المختلفة.
غير أنّ هذه المسألة قد أثارت في عصرنا قلقاً واضطراباً في الأوساط الدينية فحامت حولها الشبهات ، واكتنفتها أجواء تثير السخط والاستياء ، من اُناس ابتلوا بعقدة النقص أو جنون العظمة ، مع أنّ كتاب الله بين ظهرانيهم والنصوص المتضافرة بين أيديهم ، فلو رجعوا إلى ذينك المصدرين ، بقلب سليم وفكر مستقيم لعرفوا الحق واتبعوه ، والحق أحق أن يتبع.
وقد وقفت بعدما كتبت هذا الفصل على « كتيب » لبعض من يضمر لأئمّة أهل البيت حقداً وعداءاً ، ويحارب كل فضيلة تثبتها النصوص لهم ، ويمتلئ صدره بالتعصب المقيت وقد أعاد فيه ما ذكره ابن تيمية ونظراؤه من الذين أكل عليهم الدهر وشرب حيث أنكر علم النبي وأوصياؤه بالغيب على وجه الاطلاق وعزاه إلى جمهور الإمامية وفطاحلهم ، قائلاً بأنّ فكرة علمهم بالغيب ، اسطورة حدثت في الآونة الأخيرة بيد الغلاة. واستشهد على ذلك بما ذكره أمين الإسلام في كتابه ، حيث قال في تفسير قوله سبحانه : ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ )