الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لزدناك ، وقوله من حديث علي بن أحمد الوشاء حين قدم مرو من الكوفة : « معك حلّة في السفط الفلاني دفعتها إليك ابنتك وقالت اشتر لي بثمنها فيروزجاً » والحديث مشهور إلى غير ذلك ممّا روي عنهم عليهمالسلام. فإنّ ذلك متلقّى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا أطلعه الله عليه ، فلا معنى لنسبة من روي عنهم هذه الأخبار المشهورة إلى أنّه يعتقد كونهم عالمين بالغيب ، وهل هذا إلاّ سب قبيح وتضليل لهم بل تكفير لا يرتضيه من هو بالمذاهب خبير والله يحكم بينه وبينهم وإليه المصير (١).
قد اشتهر بين المفسّرين أنّ هناك اُمور خمسة استأثر الله بعلمها وحده ، لا يجليها لغيره واستندوا في ذلك إلى قوله تعالى :
( إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ( لقمان ـ ٣٤ ) ويؤيده ما روي من اختصاص العلم بهذه الاُمور الخمسة بالله تعالى وأنّ غيره لا يطلع عليها أبداً وقد جرت مشيئة الله على كتمان العلم بهذه الاُمور عن خلقه.
ولقائل أن يقول : لا محيص عن صحة ما ذكروه في الأربعة التالية : علم الساعة ، العلم بما في الأرحام ، العلم بما يكسبه الانسان في مستقبل أيامه ، وعلمه بالأرض التي يموت فيها الانسان ، وأمّا اختصاص العلم بوقت نزول الغيث به سبحانه فلا تفيده الآية إذ أنّه تعالى يقول : ( وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ) ، ولم يقل : وعنده علم نزول الغيث.
ويدفع بأنّ العلم بوقت نزول الغيث لو لم يكن مثل الأربعة الباقية لكان الاتيان
__________________
(١) مجمع البيان ج ٣ ص ٢٠٥ وقوله للمأمون عندما ذاكره بقوله : ندخل بغداد إن شاء الله فنعمل كذا وكذا ، فقال له الرضا : تدخل أنت بغداد يا أمير المؤمنين ، ثم سأله أحد أصحابه عن ذلك ، فقال : ( وما أنا وبغداد ؟! لا أرى بغداد ولا تراني ) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٢٥.