وأمّا ما استشهد به فيمكن أن يكون للحفاظ على الحيوانات في منطقته إذ كان من العسير انتقال الحيوانات التي تعيش في مناطق اُخرى إلى قومه ، والله سبحانه هو العالم.
إنّ تنقيح الموضوع يتوقّف على البحث في مقامين :
الأوّل : في عموم دعوته إلى التوحيد.
الثاني : في عموم شريعته وشمول أحكامه.
ونعني من عموم دعوته في مسألة التوحيد أنّه كان مبعوثاً إلى بني إسرائيل وغيرهم ، في دعوتهم جميعاً إلى توحيده سبحانه وكسر كلّ صنم ووثن.
كما أنّه نعني من عموم شريعته شمول كلّ ما جاء به موسى في التوراة من الفروع والأحكام لبني إسرائيل وغيرهم (١) وعموم دعوته إلى التوحيد لا يلازم عموم شريعته ، دون العكس (٢) ولأجل ذلك جعلنا البحث في مقامين ، فنقول :
المقام الأوّل : في عموم دعوته في أصل التوحيد ورفض الأوثان والأصنام كلّها.
الظاهر من الآيات الواردة حول دعوة الكليم ، أنّه كان مبعوثاً إلى خصوص بني إسرائيل مثل قوله سبحانه :
( وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ) ( البقرة ـ ٩٢ ).
وقوله سبحانه : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ ) ( الصف ـ ٥ ).
__________________
(١) وللفرق بين المقامين يعبّر عن الأوّل بعموم الدعوة والنبوّة وعن الثاني بعموم الشريعة والرسالة فلاحظ.
(٢) لامكان انحصار دعوته بالنسبة إلى قوم في الاُصول ولا يمكن العكس إذ لا تصح الدعوة إلى الفروع منفكة عن الدعوة إلى الاُصول.