جُندٌ مُّغْرَقُونَ ) ( الدخان٢٣ ـ ٢٤ ).
وذلك يدلّ على أنّ الغاية من الرسالة هو انقاذ بني اسرائيل فقط لا ارشاد فرعون وملائه.
ثالثاً : انّ قوله سبحانه : ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ (١) رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ نَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِ المُعْتَدِينَ * ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ وَهَارُونَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ) ( يونس ٧٤ ـ ٧٥ ).
يفيد أنّ رسالة الأنبياء الذين تتراوح دعوتهم بين نوح وموسى بشهادة قوله : ( بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ ( أي نوح ) رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ ) كانت مختصة بقومهم حتى إبراهيم كما أنّ دعوة موسى كانت مختصة بقومه لا تعدوهم إلى فرعون أيضاً وملائه وعلى ذلك تصير دعوة كلّ من نوح وإبراهيم وموسى غير عالمية لا تتعدى دعوة موسى بني اسرائيل أو القبطيين.
الظاهر أنّه لم تكن دعوته شاملة لغيرهم لو فرضنا شمولها لهم ويشعر بذلك أنّهم لما نجّاهم سبحانه من فرعون وجاوز بهم البحر فرأوا في ذلك الجانب ، من ضفة البحر قوماً يعكفون على أصنام فطلب منه قومه أن يجعل لهم الهاً كما لهم آلهة فرد عليهم موسى بأنّكم قوم تجهلون (٢) ولم يتعرض موسى لعبدة الأصنام (٣) لا بالنقد والرد ولا بالمنع ولم يكن خضوعهم للأصنام أقل ضرراً من عبادة قوم فرعون له وإنّما تعرض لعمل فرعون دون عمل هذه الجماعة لأجل أنّ انقاذ بني اسرائيل من مخالب فرعون وقومه كان متوقفاً على المحاورة معه والاحتجاج عليه بأنّه رسول ربّ العالمين ، دون المقام ، فانّ العاكفين
__________________
(١) والضمير في قوله « من بعده » يرجع إلى نوح.
(٢) راجع الآية ١٣٨ من سورة الأعراف.
(٣) بحكم سكوت القرآن عن ذلك وإن كان السكوت لا يكون دليلاً على عدم التعرض لكنه مشعر بذلك.