وما هذا إلاّ بقاء جوهر الدين في الشرائع السماوية كلّها فالاُمّة المسلمة كانت خليلية إلى أن صارت موسوية ، فعيسوية فمحمدية على المعنى الذي عرفته.
السؤال الثاني :
لو كانت نبوّة موسى والمسيح اقليمية فماذا يعني الحديث التالي ، وإلى ماذا يشير :
« إنّما سمّي اُولوا العزم ، لأنّهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع وذلك أنّ كل نبي كان بعد نوح ، كان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه ، إلى زمن إبراهيم الخليل وكلّ نبي كان في أيام إبراهيم الخليل وبعده ، كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن موسى عليهاالسلام وكلّ نبي كان في زمن موسى وبعده ، كان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن عيسى عليهاالسلام وكلّ نبي كان في أيام عيسى وبعده ، كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعاً لكتابه إلى زمن نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهؤلاء الخمسة اُولوا العزم وهم أفضل الأنبياء والرسل وشريعة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تنسخ إلى يوم القيامة ولا نبي بعده » (١).
الجواب المستفاد من الحديث أمران :
الأوّل : الحديث يدلّ بصراحة على وجود أنبياء في زمن هؤلاء الأربعة وهذا أقوى شاهد على عدم كون نبوّتهم عالمية ، إذ لا وجه لبعث نبيين إلى اُمّة واحدة ولم يثبت الاشتراك في النبوّة إلاّ في موسى لقوله سبحانه : ( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) ( طه ـ ٣٢ ).
وقوله سبحانه : ( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) ( القصص ـ ٣٤ ).
الثاني : إنّ الأنبياء المبعوثين في زمنهم أو بعدهم ، كانوا متمسكين بشرائع هؤلاء الأربعة وكانت شريعتهم متداولة بينهم.
والثابت تداول شريعتهم في المناطق التي بعث فيها هؤلاء ولعلّ تداول شريعتهم بين الاُمم السالفة ، من دون تبديل ، صار سبباً لتوهّم كون نبوّتهم عالمية لا اقليمية. ولكنّه لم يثبت تداول شريعتهم بين اُمم الأرض جميعاً وإنّما القدر المتيقّن تداولها في
__________________
(١) بحار الأنوار ج ١٥ ص ١٤٥ ، ورواه الكافي في باب الشرائع ج ٢ ص ١٧ بأدنى اختلاف.