فى عظمتك دون اللطف ، وعلوت بعظمتك على العظماء ، وعلمت ما تحت أرضك ، كما علمت ما فوق عرشك ، وكان وسواس الصدور كالعلانية عندك ، وعلانية القول كالسر فى علمك ، فاتكاد كل شىء لعظمتك ، وخضع كل سلطان لسلطانك ، وصار أمر الدنيا والآخرة كله بيدك ، اجعل لى من كل هم أمسيت فيه فرجا ومخرجا ، اللهم إن عفوك عن ذنوبى وتجاوزك عن خطيئتى ، وسترك على قبيح عملى ، أطمعنى أن أسألك مالا استوجبه منك ، فصرت أدعوك آمنا ، وأسألك مستأنسا ، وإنك أنت المحسن إلىّ ، وإنى المسيئ إلى نفسى فيما بينى وبينك ، أتودد وأتبغض إليك ، ولكن الثقة حملتنى على الجرأة عليك ؛ فعد بفضلك وإحسانك إلىّ ، إنك أنت التواب الرحيم.
قال : فقرأته ، وأخذت الورقة فى جيبى ، وإذا بالرسل تسعى إلىّ ؛ فأتيته وإذا حمى يتلظى ، فلما وقع نظره علىّ سكن غيظه ، وتسم ، وقال لى : ويلك أنت تحسن السحر ، فقلت : لا والله يا أمير المؤمنين ، ثم قصصت عليه أمرى ، ثم قال : هات الورقة ، فناولته إياها ؛ فأخذها وصار يبكى ، إلى أن بل لحيته وأمر لى بعشرة آلاف درهم ، ثم قال : أتعرف الرجل؟ فقلت : لا ، قال : ذلك الخضر عليهالسلام.
قلت : وإنى أروى هذه الحكاية عن والدى الشيخ علاء الدين أحمد القادرى النهروالى ، الخرقانى الحنفى نزيل مكة المشرفة ، وحمدا لله تعالى ، قال : أنبأنى بهذه الحكاية ، العز عبد العزيز بن النجم بن فهد ، عن والده ، عن القاضى زين الدين أبو بكر بن الحسين العثمانى المراغى ، عن الحافظ يوسف بن عبد الرحمن ، قال : أخبرنا الإمام أبو الحسن على بن أحمد البخارىّ عن الحافظ أبى الفرج عبد الرحمن بن على بن الجوزى قال : أخبرنا محمد بن ناصر ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا محمد بن على بن الفتح ، حدثنا أبو نصر محمد بن محمد النيسابورى ، عن إبراهيم بن أحمد الخشاب ، حدثنا أبو على الحسن بن عبد الله الرازى ، حدثنا المثنى بن سلمة القرشى ، قاضى اليمن ، قال : سمعت أبا المهاجر المكى يقول : قدم أبو