ما يكف الناس عنا ما يريد الناس منا |
|
إنما همهم أن ينبشوا ما قد دفنا |
لو سكنا باطن الأرض لكانوا حيث كنا |
|
إن المراد واكشف أمر قد سترناه كشفنا |
ومن نظمه هذا البيت من عدة أبيات نظمها فى جارية كان يحبها حبا شديدا :
أما يكفيك أنك تملكينى |
|
وأن الناس كلهم عبيدى |
وكان المهدى يحب الحمام ، فدخل عليه غياث ، وكان يروى الحديث ، فقال : روى عن أبى هريرة رضياللهعنه مرفوعا (١) : «الأسبق فى حافر أو نصل ، وزاد فيه : أو جناح» ، ففهم المهدى أنه وضع له هذه الزيادة فى حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فلم يجبه بالرد تأدبا ، وأمر له بعشرة آلاف درهم ، فلما قام له المهدى قال : أشهد أن قفاك قفا كذاب ، ثم أمر بذبح ما عنده من الجناح ؛ فذبحت.
ذكره غير واحد من علماء الحديث ، منهم الحافظ السيوطى (رحمهالله تعالى) ، وكان نقش خاتم المهدى : الله ثقة محمد ، وبه يؤمن.
وحكى الربيع قال : عرض على المنصور يوما خزائن مروان بن محمد ، وكان من جملتها اثنى عشر ألف ، عدله ثياب خزافا ، فأخرج منها ثوبا واحدا ، ودعا بالخياط ، وقال : فصل من هذا جبة لى ، وجبة لولدى محمد ، فقال : لا يجئ منه جبتان ، فقال : فصلة جبة وقلنسوة ، ونجدان ، يخرج ثوبا آخر ، فلما أفضت الخلافة إلى ولده محمد أمر بترك الثياب كلها بعينها ، فيغرقها جميعا فى عبيده وخدمه فى ساعة واحدة ، وكان جوادا شجاعا كثيرا اللهو والصيد ، إلا أنه كان يكره الزنادقة ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، ووصى ابنه الهادى بقتلهم حيث وجدهم.
قال النجم عمر بن فهد فى حوادث سنة ١٦٠ ه : «وفيها حج أمير المؤمنين المهدى العباسى ، وحمل له الأمير محمد بن سليمان الثلج ؛ حتى
__________________
(١) الحديث المرفوع : هو ما أضيف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصة ، فهو والمسند عند قوم سواء مقدمة ابن الصلاح : ١٩٣.