فقال لها : لعنك الله ، أما تعرفين غير هذا؟ فقالت :
أما ورب السكون والحرك |
|
إن المنايا كثيرة الشرك |
ما اختلف الليل والنهار ولا |
|
دارت نجوم السماء فى الفلك |
إلا لنقل السلطان عن ملك |
|
قد زال سلطانه إلى ملك |
وملك ذو العرش دائما أبدا |
|
ليس بفان ولا مشترك |
فقال لها : قومى لعنك الله ، فقامت ، فعثرت فى كأس بلور ؛ فكسرته ، فازداد تطيره ، فقال له إبراهيم : ما أظن أمرى إلا قد قرب ، وإذا بصوت سمعناه فى الشارع ، قضى الأمر الذى فيه تستفتيان ؛ فقام مغتما ، وقمت عنه ، فأخذ بعد ليلتين وقتل (تجاوز الله عنه).
وعظم قتل الأمين على المأمون ، وكان يريد أن يرسل به طاهر بن الحسين إليه ، ليرى رأيه فيه ، فحقد ذلك عن طاهر حتى عاش طريدا بعيدا ، وآل عمره إلى ما آل.
* * *
فصل
لما تم على الأمين ما تم ، وكان على أمه زبيدة أشد ما تم ، آل الملك إلى عبد الله المأمون بعد قتل أخيه فى سنة ١٩٨ ه ، وكان من رجال بنى العباس حزما وعلما وحلما وفراسة ، وفيها سمع الحديث على جماعة ، وتأدب وفقه وبرع فى فنون التاريخ والأدب.
ولما كبر اعتنى بالفلسفة ، وفنون علم الأوائل ، فضلّ وأضل ، ومحن الناس بالقول بخلق القرآن ، ولو لا ذلك لكان يعد من أكمل الخلفاء ، وكان يضرب المثل بحمله ومن أنصافه : أنه رأى أن آل بيت النبى صلىاللهعليهوسلم أحق بالخلافة من غيرهم ؛ فهم بخلع نفسه وتفويض الأمر إلى على بن عيسى الكاظم ، وهو الذى لقبه بالرّضى ، وضرب الدراهم والدنانير باسمه ، وزوجه ابنته ، وأمره بترك السواد ، ولبس الخضرة ، وجعله ولى عهد فى