زال ملكه ، وتوفى رحمة الله تعالى ، يوم الخميس لإحدى عشر ليلة من ربيع الأول سنة ٣٣٧ ه.
* * *
فصل
ولى الخلافة بعد المعتصم أبو جعفر هارون ، ولقب الواثق بالله (١) فى تاسع ربيع الأول سنة ٣٣٨ ه ، ومولده لعشر بقين من شعبان سنة ٢٩٩ ه ، وأمه أم ولد رومية اسمها قراخيس.
واستخلف تركيا اسمه أنساس ، ولقبه السلطان ، وهو أول خليفة استخلف سلطانا ، وألبسه وشاحين مجوهرين ، وتاجا مجوهرا ، وتبع أباه فى الأمر بالقول بخلق القرآن ، ثم رجع عن ذلك فى آخر أمره.
قال الخطيب (٢) : كان أحمد بن أبى داود قد استولى على الواثق ، حمله على التشديد بالقول بخلق القرآن ، فحمل إليه رجل ممن خالفه فى هذه المحنة وابن أبى داود حاضر ، فقال الرجل ، وهو مكبل فى الحديد : أخبرونى عن هذا الراوى الذى دعوتم الناس إليه ، هل هو شىء علمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلم يدع الناس إليه ، أو هو شىء لم يعلمه؟
فقال ابن داود : بل علمه ، فقال الرجل : وسع النبى صلىاللهعليهوسلم أن يسكت عنه ، وأنتم لا يسعكم ، فبهتوا ، وضحك الواثق ، وقام قابضا على فمه ، ودخل بيته ، ومد رجله ، وهو يقول : وسع النبى أن يسكت عنه ، ونحن لا
__________________
(١) الواثق بالله ؛ هو : هارون بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد هارون الهاشمى العباسى البغدادى ؛ أبو جعفر ، أمه : أم ولد رومية تسمى : قراطيس ، ولد لعشر بقين من شعبان سنة ١٩٦ ه ، كان من القائلين بخلق القرآن ، توفى بسامرا فى يوم الأربعاء لست بقين من ذى الحجة من سنة ٢٣٢ ه. تاريخي الخميس : ٢ / ٣٣٧.
(٢) الخطيب ؛ هو : الحافظ أبو بكر أحمد بن على المعروف بالخطيب البغدادى ، توفى سنة ٤٦٣ ه ، هو ثانى من كتب فى تاريخ بغداد بعد أحمد بن أبى طاهر البغدادى ، وقد كتب الخطيب البغدادى تاريخه على طريقة المحدثين جمع فيه رجالها ومن ورد بها وضم إليه فوائد جمة ، فصار كتابا عظيم الحجم والنفع. كشف الظنون : ١ / ٢٨٨.