يسعنا ، وأمر أن يعطى الرجل ثلثمائة دينار ، وأن يرد إلى بلده ولم يمتحن أحد بعد ، ومقت ابن أبى داود من يومئذ ، ولم يرتفع له شأن.
والرجل هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد الأزدى ، شيخ النسائى ، كان الواثق عالما شاعرا ، حاذقا كبيرا ، لا كل أكثر بنى العباس رواية للشعر ، ومن شعره فى واقعة حال هذه الأبيات :
حياك بالنرجس والورد |
|
معتدل القامة والقد |
فألهبت عينيه نار الجوى |
|
وزاد فى اللوعة والوجد |
آملت بالملك وصالا به |
|
فصار ملكى سبب البعد |
مولى يشكو الظلم من عبده |
|
فانصفوا المولى من العبد |
قال الصولى : أجمعوا على أنه ليس لأحد من الخلفاء مثل هذه الأبيات ، فى الرقة واللطافة.
مات من رأى : يوم الأربعاء لست بقين من ذى الحجة فى سنة ٣٣٣ ، وحكى : أنه لما مات ترك وحده ، وانشغل الناس بالبيعة للمتوكل ، فجاء حردون واستل عينه ، وأكلها ؛ فسبحان العزيز المتعال ، وتبارك القوى القادر ذو الجلال بيده الملك ، لا يزول ولا يزال ، ثم ولى بعده أخوه المتوكل على الله بن المعتصم بن الرشيد العباسى ، مولده سنة ٣٣٥ ه ، وبويع له بالخلافة فى اليوم الذى مات فيه أخوه.
وأمه أم ولد تركيه اسمها سجاع ، وكان كريما ، ما أعطى خليفة شاعرا ما أعطاه المتوكل ، وكان سنيا ، أظهر السنة وأكرم علم الحديث ، وأمات البدع ومنع القول بخلق القرآن ، وألزم النصارى بلبس الزرقى وشيع على الجهمية والمعتزلة ، وأمر نائبه بمصر أن يحلق لحيه قاضى مصر محمد بن أبى الليث ، ويطوف به على الأسواق على حمار لأنه كان جهميا معتزلا ، يقول بالجهمية وخلق القرآن ، ففعل به ذلك.
ومن أفعاله بالشيعة ؛ أنه هدم قبر الحسين بن على بن أبى طالب (رضى