قال بن المكافأ بن زكريا : «لما بويع لابن المغتر دخلت على شيخنا محمد ابن جرير الطبرى العالم الكبير المفسر المحدث المخرج رحمهالله تعالى ، فقا لى : ما الخبر؟ فقلت : بويع بالخلافة لعبد الله ن المعتز ، قال : فمن ترشح لوزاته؟ قلت : محمد بن داؤد ، قال : فمن قاضيه؟ قلت : أبو المثنى ، فأطرق قليلا! قال : هذا أمر لا يتم ، فقلت : ولم لا يتم؟ قال : كل واحد ممن ذكرت ذو شأن عظيم متقدم فى علمه وفضله وعقله ، وإن الدنيا مولية والزمان ، وما أرى هذا العقد إلا إلى إغلال واضمحلال ، فقدر الله تعالى أنهم خلعوه فى ذلك اليوم وتلاشى.
فإن عبد الله بن المعتز لما عقدت له الولاية والخلافة أرسل المقتدر بأمره بإخلاء دار الخلافة ، وأن يذهب إلى دار محمد بن طاهر لينظر فى أمره ، فلما جاء الرسول إلى المقتدر وبلغه الرسالة ، قال : «ليس عندى جواب إلا السيف» ، ولبس السلاح وركب معه جماعة قليلة من خدمه وهم مستسلمون للقتل فى غاية الخوف والرعب وهجموا على عبد الله ن المعتز فأهاله ذلك وألقى الله تعالى فى قلبه الرعب فانهزم هو ووزيره وقاضيه وكل من كان فى ديوانه ظنا أن خلف هؤلاء أعوانا وأنهارا ، وقبض المقتدر على عبد الله بن المغتر وعلى بعض الأمراء والفقهاء ، وسلمهم إلى يونس الحرث وقتل من أراد وحبس عبد الله بن المعتز ثم أخرج من الحبس ميتا.
واستقام الأمر للمقتدر ، وهذه ولايته الثانية فسار أحسن سيرة واستقام أمره بعد الاضمحلال ، وطلعت شمس سعادته بعد الزوال ، ولاح بدر فلاحه من أوج الكمال ، والعزة لله الكبير المتعال.
وحيث انجر الكلام إلى ذكر عبد الله بن المعتز فلا بأس بتنسيق هذه الرسالة وتزويق هذه العجالة بذكر بعض أشعاره المستطرفة ليعلم البلغاء مرتبته فى البلاغة واقتداره على الكلام ، ونورد قصيدته فى الحماسية التى فاخر بها آل النبى صلىاللهعليهوسلم.
ولا يخفى أن الإقدام على مثل ذلك يدل على قوة الطبع ، فإن الادعاء لمثل