أيامه إلى أن خلع نفسه ، وبويع لولده أبى بكر عبد الكريم فى سنة ٣٧٢ ه ، ولقب «الطائع لله» ، وكان مغلوبا عليه من قبل أمرائه ، وما كان له إلا العظمة الظاهرة ـ لا غير ـ.
بحيث لما وررد فى سنة ٣٩٩ ه رسول العزيز بالله من المعز العبيدى صاحب مصر إلى بغداد يسأل عهد الدولة بن بويه وهو ـ يومئذ ـ ملقب بالسلطنة من الطابع وبيده أمر المملكة أن يزيد فى ألقابه ، ويقال له : تاج الملة ويحدد عليه خلع ويلبسه التاج ، فأجابه إلى ذلك فجلس الطائع على سرير عال وأوقف حوله مائة سيف مسلولة ، وبين يديه مصحف عثمان (رضى الله تعالى عنه) ، وعلى كتفه بردة النبى صلىاللهعليهوسلم.
وكان ذلك مما يتوارثه الخلفاء ويجعلونه لمواكبهم العامة ـ واحتجب بستارة عالية حتى لا يقع عليه نظر الجند قبل رفع الستارة ، وحضر الجند من الأتراك والديلم ، ووقف أرباب الستارة صفين ثم أذن لعضد الدولة ، فدخل ثم رفعت الستارة ، وقبل الأرض وأدخل رسول العزيز صاحب مصر فارتاع وأهاله ما رأى وقال لعضد الدولة : هذا هو الله تعالى؟ فقال له : هذاي خليفة الله فى أرضه ، ثم استمر يمشى ويقبل الأرض سبع مرات فالتفت الطابع إلى خادمه المقرب عنده واسمه «خالص» ، وقال له : «استدنه» ، فقربه إلى رجل السرير وقبل رجله فثنى الطابع يمينه على رأس عضد الدولة ، وأمر أن يجلس على كرسى مرصع وضع له قريبا من السرير ، فاستعنى عضد الدولة من ذلك ، فأقسم عليه ليجلس! فقبل الكرسى ثم جلس عليه ، فلما استقر جالسا قال له الطايع : «قد فوضت إليك ما وكل الله تعالى إلىّ من أمور العية فى شرق الأرض وغربها» ، فقال : ليعيننى الله تعالى على طاعة أمير المؤمنين ، وقبل الأرض فأمر أن يفاض عليه سبع خلع ، فأفيضت عليه وهو يقبل الأرض فى كل واحدة ، وانصرف الناس من خلفه ، وقد أهالهم ما رأوه واستعظموا ما شاهدوه.