إسحاق الشيرازى ، أحد أركان أئمة الشافعى رضياللهعنه ، وكان خيرا دينا من نجباء بنى العباس وصالحيهم.
* * *
فصل
ومن جملة صلاحه وبركته :
أن السلطان «ملكشاه» من آل «سبكتكين» قصد أن يتحكم عليه ، ويظهر الحيف على الخليفة المذكور فأرسل إليه وهو يقول : «لا بد أن تترك لى بغداد وتذهب إلى أى بلد شئت» ، فأرسل الخليفة إليه يتلطف به فى ذلك فأبى إلا شدة وغلظة ، فقال لرسوله : اسأله المهلة لى ولو شهر» ، فأبى ، وقال : ولا ساعة! ، فأرسل إليه وزيره فاستمهله عشرة أيام فأمهله ، فصار الخليفة يصومك النهار ، ويقوم الليل ، ويتضرع إلى الله تعالى ، ويضع خده على التراب ، ويناجى رب الأرباب ، ويدعو (١) على ملكشاه ، فنفذ دعاءه وهو مظلوم نفوذ السهم المسموم فى كبد المظلوم ، واستجاب الله دعاءه ، وتقبل ضراعته ، فهلك السلطان ملكشاه قبل مضى عشرة أيام ، وكفاه الله تعالى شره.
(وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(٢).
وعدت هذه كرامة للخليفة المقتدى ، وهذه عقبى كل ظالم ومعتدى ، فرحم الله تعالى من قال :
وكم لله من لطف خفى |
|
يدق خفاه عن فهم الذكى |
وكم يسر أتى من بعد عسر |
|
وفرج كربة القلب الشجى |
وكم أمر تساء به صباحا |
|
وتأتيك المسرة بالعشى |
إذا ضاقت بك الأحوال يوما |
|
فثق بالواحد الأحد العلى |
تمسك بالنبى فكل هم |
|
يزال إذا تمسك بالنبى |
__________________
(١) فى (س) : ولا يدعو.
(٢) الآية رقم ٤٦ من سورة فصلت ، مكية.