وكذا من قال :
لا تشتغل بهموم القلب مكتئبا |
|
ولا تبيتن إلا خالى البال |
ما بين غمضة عين وانتباهتها |
|
يغير الله من حال إلى حال |
ولكل شىء سبب من الأسباب ، وعلة يدور عليها التقلب والانقلاب.
وكان سبب ضعف خلفاء بنى العباس استيلاء مماليكهم وأمرائهم عليهم ، وتفويض جميع أمور المملكة إليهم وتلقبهم بألقاب السلطان وفرط إدلالهم على موالبهم وامتهانهم غاية الامتهان إلى أن صاروا سمايلا مسميات وصورا هيولانية يتصور فيها بالمحو والإثبات.
وصاروا أمراءهم يغثونهم ويغشونهم ويصل أرباب الفرض إلى أغراضهم الفاسدة لما يرشونهم.
فأول زال الملك المنتصر بالله ـ كان له ولدان أحدهما يسمى بالخفاجى وكان شديد الرأى شجاعا صعب المراس ، والثانبى المعتصم بالله وكان هينا ضعيف الرأى ، فاختاره الأمير إقبال الشرانى على أخيه الخفاجى ليستبد بالأمور ويستقبل بأحوال الملك ولا يناله مكروه من المعتصم ولا يخشاه كما يخشاه من أخيه الخفاجى.
فلما تولى المنتصر بالله أخفى الأمير إقبال موته نحو عشرين يوما حتى دبر لولاية المستعصم وبويع له بالخلافة وفرّ أخوه إلى العربان وتلاشى أمره.
ثم أعظم سبب للزوال أن مؤيد الدين محمد بن محمد بن عبد الملك العلقمى صار وزير المستعصم ، وكان رافضيا سيئا مستوليا على المعتصم عدوا لأهل السّنّة ، يدار بهم فى الظاهر وينافقهم فى الباطن ، وكان يدبر على إزالة الخلافة عن بنى العباس وإعادتها إلى العلويين ، وطمس أنارت أهل السنة وأطفأ نورهم وتقوية أهل البدعة وأبقى ديارهم.
فصار يكاتب هولاكو خان ويطمعه فى ملك بغداد ويطالعه بأخبار بغداد ، يخبره عن صورة أخذها وضعف الخليفة وانحلال العسكر عنه.